ICIP : العِبرة الأساسية للتطبيق العملي لحماية الأسرة من العنف بكافة أشكاله وأبعاده
عقد المركز الدولي للملكية الفكرية والدراسات الحقوقية – فِكر (ICIP) ورشة عمل تتعلق بموضوع العنف الأسري وأطر تطبيق حقوق الانسان سيما مع استمرار ظاهرة التعنيف داخل المجتمع اللبناني بشكل مؤلم ومُعيب.
بداية، تم توزيع جدول أعمال الجلسة حيث أشارت أمينة السرّ الأستاذة أنديرا الزهيري إلى أنه وفي كل مرة يفشل المشترع في إقرار قانون مناهضة العنف الأسري تدفع الثمن في كل دقيقة ضحية تحت عدة شعارات تأديبية أو عائلية وبِفعل عادات سيئة. فالمرأة هي جزء أساسي ومهم من هذا المجتمع ويجب حمايتها انطلاقاً من شخصها وانسانيتها والحفاظ على كرامتها وعدم اعتبارها سلعة رخيصة.
وتحدث رئيس المركز المحامي شادي خليل أبو عيسى، الذي اعتبر أن المجتمع اللبناني والعربي يعاني من أزمة العنف الأسري والتجاوزات المتكررة فيما خص حقوق الانسان بصورة غير منضبطة وبعيداً عن أحكام الشرائع والاتفاقيات الحقوقية الدولية. ورغم إقرار اللجان النيابية المشتركة مشروع قانون حماية الأسرة من العنف إلاّ أن العبرة تظل للتطبيق العملي الفعّال والوصول إلى إقراره بصورة نهائية في الهيئة العامة كي تتبلور مختلف الأمور ويدخل حيّز التنفيذ قانونياً وانسانياً.
وتطرق الدكتور فادي حداد إلى ضرورة تطبيق عقوبات رادعة للحد من تنامي التعنيف الأسري الذي ينم عن لا حضارة، مع تفعيل المساعدة الاجتماعية لعلاج الضحايا على غرار ما يحدث في الدول المتحضرة ومتابعة مختلف الحالات إذ أن العنف يأخذ منحاً جسدياً ونفسياً أيضاً.
أما الأستاذ يوسف عبد علي (نائب الرئيس) فقد ركّز على أسباب نشوء العنف الذي يعود لحالات نفسية واجتماعية وثقافية ودينية واقتصادية واعتماد الذكورية في المجتمع بصورة عامة. كما اعتبر أن الدوافع إلى العنف الأسري قد تكون ذاتية تتكون في نفس الانسان نتيجة ظروف خارجية تكونت نتيجة الاهمال أو سوء المعاملة أو العنف أثناء الطفولة مما يؤدي إلى بروز نوازع نفسية تجعله ميالاً إلى التعنيف بكافة أشكاله.
وشددت الصحافية ندى نجيم على دور الاعلام في نشر ثقافية الوعي والإرشاد والتخفيف من العنف الأسري الذي هو بحد ذاته أزمة دقيقة وحساسة يقتضي معالجته بتعقل ومنهجية بعيداً عن التعصب والانفعالات اللامنطقية.
وعدد المعالج النفسي العيادي فادي ربعمد مسببات العنف والتعنيف التي هي متشعبة ومن أبرزها الاضطراب في الشخصية والمزاج وعدم القدرة على التفاهم مع الطرف الآخر والتعثر الاقتصادي والإكثار من استهلاك الكحول والمخدرات التي من شأنها كلها جعل المرء عنيفاً ليصل إلى حد فقدان الوعي والادراك فتنهار الأسرة وتتفكك.
وفي ختام الورشة، أصدر مركز ICIP جملة من التوصيات تتلخص بالأمور التالية:
- إن لبنان ورغم مشاركته في شرعة حقوق الانسان وفي مختلف الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل والمرأة والأسرة وتوقيعه على اتفاقية سيداو مع بعض التحفظات، إلاّ أن التطبيقات العملية ما زالت سلبية.
- إن إقرار مشروع قانون حماية الأسرة في اللجان النيابية المشتركة يشكل خطوة أولية قبل إقراره بصورة نهائية في الهيئة العامة. مع الإشارة إلى ضرورة تكثيف الجهود والضغوط لتأمين هذا الإقرار بصورة فعلية ونشر القانون في الجريدة الرسمية ليدخل حيّز التنفيذ.
- مع الأسف، لا يوجد في لبنان احصاءات شاملة ودقيقية عن مدى انتشار حالات العنف داخل الأسر لعدة أسباب منها اجتماعية ودينية وثقافية تتعلق بالعادات والعرف والخوف والرهبة لدى الضحية حيث تجد نفسها وحيدة ومعزولة من دون رعاية فعلية ومستمرة من قِبل السلطة. مع التأكيد هنا على أن العنف لا يكون فقط جسدياً بل يكون له عدة أشكال نفسية ومعنوية ولفظية تنعكس سلباً على شخصية الضحية والعائلة بأكملها.
- ضرورة ايجاد مراكز لعلاج الضحايا نفسياً واجتماعياً وصولاً إلى ترميم العلاقة - إذا أمكن وحسب كل حالة - بين كافة أفراد الأسرة.
- انشاء محاكم متخصصة لمتابعة قضايا العنف الأسري والبت فيها على وجه السرعة والدقة من دون تمييز.
- تنشيط عمل الضابطة العدلية وانشاء مراكز اجتماعية تتمتع بهذه الصفة - إلى حد ما - للقيام بمهام الرقابة الدورية على سلامة الأسر ومنع الاستغلالات والانتهاكات على أنواعها.
- تفعيل دور الاعلام عبر نشر الثقافة الحقوقية والمعرفية داخل المجتمع.
- تخصيص حلقات حوارية حقوقية واجتماعية في المدارس والكليات لنبذ العنف والكراهية.
ختاماً، علينا السعي إلى تطوير الثقافة الاجتماعية والتقليدية وتوسيع رقعة المعرفة كي لا تظل القوانين حبراً على ورق والتقاليد العشوائية هي المسيطرة.
المركز الدولي للملكية الفكرية والدراسات الحقوقية ICIP
0 comments:
إرسال تعليق