انعقدت في 11 نوفمبر الجاري بالعاصمة الرياض القمة العربية الإسلامية غير العادية لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان ، وإدخال المساعدات الإنسانية ، ومنع التهجير القسري للفلسطينيين ، وكانت الرياض قد احتضنت في 11 نوفمبر 2023 قمة طارئة مماثلة لبحث التطورات الخطيرة في قطاع غزة .
صبحة بغورة تكتب :
في ظروف استثنائية بالغة التعقيد وشديدة الحساسية احتضنت الرياض قمة العرب والمسلمين لبحث توحيد المواقف من أم قضايا العالمين العربي والإسلامي، القضية الفلسطينية، وعلى ذلك تميزت كلمات رؤساء الوفود المشاركة بقوة الطرح ووضوح الفكرة وجلاء الموضوع وتضمنت في معظمها التأكيد على عدالة قضية الشعب الفلسطيني وتجديد الالتزام الكامل بدعم قطاع غزة بكافة أشكال الدعم الإنساني وإدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة في أسرع وقت ، والعمل على منع ومقاومة تهجير سكان القطاع ،وإدانة الاستيطان، كما تضمنت كلمات رؤساء الوفود تحذيرات جادة من عواقب استمرار عمليات التقتيل والإبادة الجماعية وتطبيق سياسة التجويع ومن خطر انعكاس أثر ذلك على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .
جاءت كلمة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قوية إذ طالب منظمة الأمم المتحدة بإسقاط عضوية اسرائيل في المنظمة ما لم تتراجع عن حربها في فلسطين وتتراجع عن تحديها لأحكام للقانون الدولي، كما طالب في كلمات قوية بعودة منظمة " الأونروا" وتمكينها من استرجاع دورها الإنساني في قطاع غزة، وطالب مجلس الأمن الدولي بحصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة كدولة تتمتع بكامل الحقوق، وشدّد على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين ، وعلى أن أي حل مستقبلي يجب ان يتضمن الضفة الغربية وغزة .
المتفق عليه أن قمة الرياض اخترقت مجددا جدار الصمت الدولي ، وأعلنت رفض المجموعة العربية والإسلامية عمليات الإبادة الجماعية في غزة وانتهاك سيادة لبنان ، ودعت لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وتضمنت القمة تحذيرات من التصعيد المسلح المتواصل وخطر امتداده على المستوى الإقليمي وألحت على وقف العدوان على غزة والبنان,
لقد سبق منذ عام تقريبا إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة ،ولكن فصول الجريمة بقيت متواصلة والتوسّع في العدوان مستمر بشكل أكثر عنفا وأوسع انتشارا، ولعل هذا ما دفع حركة حماس قبيل انعقاد القمة إلى توجيه الدعوة لتشكيل تحالف عربي وإسلامي لتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه كافة.
الملاحظ غياب أي استعداد لدى حركة حماس للاندماج مع السلطة الفلسطينية في العمل الوطني ، وأنها مازالت تستشعر القوة لمواصلة المقاومة بالرغم من ما لحق بقطاع غزة من مذابح وإبادة جماعية وتهجير وهدم وتدمير ، وإذا كانت هناك مؤشرات على مواصلة المناطحة بين حركتي فتح وحماس لفرض الوجود فإنه لا يعدو أن يكون من أجل السيطرة على قطاع من أطلال وخرابات وقبور واقع تحت الهيمنة الإسرائيلية ولا توجد أدنى فرصة للفكاك من تلك الهيمنة ، وما يزيد مهمة المجموعة العربية صعوبة هو تفكك جبهة المقاومة إلى مجموعة فصائل متفرقة ،وذات انتماءات متباعدة ، ومن زاوية أخرى يتبين بغياب إيران عن القمة بعد أن فقدت حركة حماس لمعظم قادتها الموالين لها والمؤثرين فيها أنها لم تعد طرفا مؤهلا للتحكم في توجيه العمل الوطني الفلسطيني المصيري، وأنه سوف تبقى النظرة إليها كعقبة كؤود أمام توحيد الصف الفلسطيني تفعل فعلها في قصور الدعم وتقصير المساندة .
الوضع الحالي مفعم بالتناقضات ، المعنيون بالقضية أصحاب الأرض متفرقين شيعا، الدولة الفلسطينية منقسمة إلى كيانين متنافرين ، بقيادتين وحكومتين متباعدتين وتنظيمين مسلحين، السلطة الشرعية بعيدة عن الأحداث والتمويلات الخارجية لقطاع غزة تمر على البنوك الإسرائيلية ولا تعلم السلطة عنها شيئا إلا أماني فقط . دعوة القمة العربية والإسلامية لوقف إطلاق النار قوبلت باستهجان المجتمع الدولي لأنها لم تستقم مع توقف حزب الله عن إطلاق الصواريخ وتوجيه المسيرات نحو اسرائيل ، أي أن المقاومة تريد شيئا وتدعو إليه وهي تأتي بنقيضه! ومع كل ذلك بقيت القمم العربية والإسلامية تتقاسم نفس الرؤى وذات المواقف، متماسكة ومتمسكة بوحدة القرارات أمام عبث الفصائل الفلسطينية على حساب الأهداف الوطنية والمصلحة الحياتية لشعب أعزل.
0 comments:
إرسال تعليق