سيطرت قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية العراقية على مبنى محافظة كركوك في وسط المدينة بعد انسحاب قوات البشمركة المسؤولة عن حمايته.
وكانت قوات البشمركة قد سيطرت على المبنى عند سيطرتها على المدينة عام 2014، في خضم الفوضى التي أعقبت هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة من شمال البلاد وغربها.
ورفع الفريق عبد الأمير يار الله نائب قائد العمليات المشتركة العلم العراقي في المبنى بحضور كبار قادة الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي خصوصا هادي العامري وأبو مهدي المهندس.
من جهة أخرى، أعلن مسؤول في وزارة النفط وقف ضخ النفط من حقلي هافانا وباي حسن اللذين سيطرت عليهما قوات البشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقال المسؤول لفرانس برس إن "الفنيين الأكراد أوقفوا الضخ من حقلي هافانا وباي حسن وفروا من الحقول قبل وصول القوات العراقية إليها".
يؤشر التقدم السريع للقوات العراقية إلى عدم وجود مقاومة كبيرة من قوات البشمركة.
ونزح آلاف السكان من كركوك خوفا من المعارك فيما يتزايد التوتر بين بغداد وإقليم كردستان منذ الاستفتاء على الاستقلال الذي نظمه الإقليم في 25 أيلول/سبتمبر.
وأكدت القيادة المشتركة للقوات العراقية "استكمال قوات جهاز مكافحة الإرهاب إعادة الانتشار في قاعدة كيه 1 بشكل كامل"، و"فرض الأمن على ناحية ليلان وحقول نفط بابا كركر وشركة نفط الشمال".
كما "سيطرت على مطار كركوك (قاعدة الحرية)"، وفقا للمصدر.
وسمح انسحاب قوات البشمركة من مواقعها في جنوب كركوك للقوات العراقية بتحقيق هذا التقدم السريع، حسبما أفادت مختلف التقارير.
عملية عسكرية
وكانت العملية العسكرية قد بدأت الجمعة، لكن الحكومة العراقية أمهلت الأكراد وقتا للانسحاب من الحقول النفطية ومراكز عسكرية في المنطقة. وبعد انتهاء المهلة، تسارعت التحركات ميدانيا لاستعادة المواقع.
ودارت ليل الأحد الاثنين معارك بين الطرفين تخللها قصف مدفعي متبادل جنوب مدينة كركوك.
وتقع قاعدة كيه 1 شمال غرب مدينة كركوك. وقد تأسست على أيدي الأمريكيين في عام 2003، وكانت مقر فرقة 12 للجيش العراقي.
وسيطرت عليها قوات البشمركة في حزيران/يونيو 2014 بعد انهيار الجيش في الموصل، واستولت على المعدات والأسلحة، وطردت القوات العراقية منها بشكل مهين.
وتمكنت القوات المشتركة من فرض سيطرتها على منشآت نفطية وأمنية وطرق وأربع نواحي جنوب غرب مدينة كركوك. وتهدف العملية العسكرية أساسا، بحسب ما أعلن مسؤولون عراقيون، إلى استعادة المنشآت والحقول النفطية في محافظة كركوك الغنية بالنفط.
ويقع المطار العسكري شرق كركوك، ويعتبر نواة تأسيس القوة الجوية بعد عام 2003.
ودعا التحالف الدولي بقيادة واشنطن الطرفين إلى "تجنب التصعيد".
وأكد في بيان إن قواته "لا تدعم تحركات حكومة العراق أو إقليم كردستان قرب كركوك، لكنها على علم بتقارير عن تبادل محدود لإطلاق النار خلال الساعات الأولى من فجر 16 تشرين الأول/أكتوبر".
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد دعا القوات المسلحة لفرض الأمن في كركوك بالتعاون مع أبناء المدينة وقوات البشمركة.
وانطلقت القوات العراقية منتصف ليل الأحد الاثنين من منطقة تمركزها جنوب كركوك باتجاه الحقول النفطية والقاعدة العسكرية ووصلت إلى مدخل المدينة الجنوبي وسيطرت على الحاجز الأمني وأزالت العلم الكردي ورفعت بدلا عنه العلم العراقي، بحسب شهود.
وفر آلاف السكان من كركوك خوفا من وقوع معارك، كما أفاد مراسل فرانس برس.
وتسببت حركة النزوح على متن حافلات وسيارات مكتظة باتجاه أربيل والسليمانية بازدحام مروري خانق.
وقطع الطريق الرئيسي العام بين بغداد ومدينة كركوك.
وحاولت السلطات العراقية طمأنة سكان كركوك التي تضم خليطا من المكونات وطلبت منهم مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي.
وأكد بيان لقيادة العمليات المشتركة "الحرص على تطبيق النظام والحفاظ على أرواح ومصالح أهل كركوك بعربهم وكردهم وتركمانهم ومسيحييهم".
من جهتها، أبدت تركيا استعدادها "للتعاون" مع الحكومة العراقية لطرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، المنظمة المصنفة "إرهابية" من قبل أنقرة، من الأراضي العراقية، كما أعلنت وزارة الخارجية التركية الاثنين.
خلاف بين القوى الكردية
وأظهر الهجوم إلى العلن الانقسام الكبير بين الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يفضل إرجاء الاستفتاء والبدء بمفاوضات مع بغداد برعاية الأمم المتحدة، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، منظم الاستفتاء.
وتسيطر القوات التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني على المناطق الجنوبية في محافظة كركوك فيما تفرض تلك التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني سيطرتها على المناطق الغنية في النفط في شمال المحافظة وشرقها.
وأدان هيمن هورامي، كبير مستشاري بارزاني، في تغريدة على موقع "تويتر"، تخلي قوات البشمركة عن مواقعها.
وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قيام مجموعة من المدنيين الأكراد بالبصق ورشق الحجارة على قوات البشمركة التي انسحبت من مواقعها.
وكان الأكراد والحكومة العراقية قد أعلنوا الأحد منح أنفسهم مهلة 24 ساعة لمعالجة الأزمة عبر الحوار تجنبا لمواجهات عسكرية بين الطرفين.
واجتمع قادة الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان الأحد في منتجع دوكان في محافظة السليمانية.
واستمر الاجتماع أربع ساعات، وجمع قادة بينهم الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، وفقا لمراسل فرانس برس.
وأكد البيان الختامي أن "القوى الكردستانية لديها استعداد كامل للحوار بدون شرط على أساس المصالح بين بغداد وأربيل ووفقا لمبادئ الدستور"، لكنها رفضت إلغاء نتائج الاستفتاء.
إلا أن العبادي كرر شرط حكومته إلغاء نتائج الاستفتاء حول استقلال الإقليم من أجل فتح باب الحوار لمعالجة الأزمة.
فرانس24/ أ ف ب
0 comments:
إرسال تعليق