فشل القصد من مداهمة منزل السيناتور شوكت مسلماني في سيدني

 

  ـ شوكت مسلماني مع زوجته وابنه ـ 

ـ كان لا بد لأمثالك من شيطان يماحكهم كي ينتصروا عليه ـ

سيدني ـ جاد الحاج.   

"صباح النور يا صديقنا الجميل \ حيثما تألّمت تألّمنا معك \ حيثما حلمت بالقضايا العادلة والتغيير شاركناك الحلم \ حيثما ناضلت من أجل السكّان الأصليّين كنّا معك \ قد يكون كلّ ذلك صعباً لكنّ طريق الألف ميل تبدأ بخطوة \ كان لا بدّ لأمثالك من شيطان يماحكهم كي ينتصروا عليه \ كلّ شيء في النهاية توضّح واستوى الحقّ والخير \ الحبّ والصدق كانا يكبران فيك ليهزما المحال \ كلّ الحبّ ومبروك لك ولنا \ وإلى اللقاء". 

بهذه الرسالة توّج مارسيل خليفة نهاية  "الاعتداء" السافر على السيناتور شوكت مسلماني لدى صرف النظر عن كلّ التهم والمخالفات القانونية التي أدّت إلى محاصرة بيته ودخوله عنوة… حدث ذلك مساء السادس والعشرين من حزيران الفائت عندما داهمت عناصر من الاستخبارات الاستراليّة مدعومة من الشرطة منزل ومكتب النائب وعضو المجلس التشريعي لولاية نيو ساوث ويلز المعروف بمواقفه المؤيّدة للقضيّة الفلسطينيّة وحقوق المواطنين الاصليين في أستراليا، ناهيك عن إعجابه بالنهضة الاقتصادية القائمة في الصين.

أشاد مسلماني بقيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال أزمة وباء كورونا، وفي مقارنته مع ما حصل آنذاك في استراليا انتقد مسلماني الإجراءات التي اتّبعتها الحكومة تصدياً للجائحة العالميّة. وقد جاء خطابه عقب الدعوة التي أطلقتها أستراليا لفتح تحقيق دولي يستهدف بكين لمعرفة أسباب فيروس كورونا المستجدّ. 

الصين بدورها نصحت مواطنيها بالامتناع عن زيارة استراليا بسبب ما اعتبرته هجوماً عنصرياً ضدّ الصينيين والآسيويين في بلاد الكانغارو. ورافق ذلك اصدار الصين تعريفات جمركية عالية جداً على استيراد الشعير الاسترالي وحظر استيراد لحوم البقر من المسالخ الاسترالية بسبب ما اعتبرته  "تقنيّات فنية".

 في بداية 2020 أنشأت السلطات الاسترالية خلية خاصّة لمكافحة التدخل الاجنبي في سياساتها. وجاء ذلك بعد تزايد التهم الموجهة إلى عملاء يتجسّسون للصين والتحقيق مع وانغ ليتشيانغ (26 عاماً) الذي اعترف انه جاسوس سابق وقد فرّ إلى استراليا، وكشف لوكالة مكافحة التجسّس الاسترالية أسراراً تتعلق بعمليات الاختراق والتدخل التي تمارسها الصين في كل من هونغ كونغ وتايوان وأستراليا.

طالب محامو السيناتور مسلماني بتحقيق يستهدف الشرطة الاسترالية ووكالة الاستخبارات المركزية  "آزيو" وحتى وزارة الداخلية ووزيرها بيتر داتون بتهمة الإيعاز للوسائل الاعلامية بموعد محاصرة وتفتيش منزل السيناتور مسلماني. وذكرت الدعوى ان منزل مسلماني في منطقة روك ديل في سيدني كان مطوقاً بوسائل الإعلام منذ الفجر، قبل وصول الشرطة والمخابرات، ما يعني ان احداً من الداخل أوعز للتلفزة والصحف بعملية اقتحام المنزل وتفتيشه. وذلك بحد ذاته مخالفة فاضحة للقوانين المرعية الإجراء. خصوصاً ان التوقيع على أمر المداهمة لم يحصل حتى الساعة العاشرة من مساء اليوم السابق ما يؤكد وجود تواطؤ رسمي إعلامي لتضخيم قضية شوكت مسلماني وأحد مساعديه الموقتين جون زانغ الذي خضع لتحقيق مسهب لعله يعترف بعلاقة مشبوهة بين السلطات الصينية ومشغله… إلا أن ذلك كله لم ينفع بشيء. بل جاءت النتيجة معاكسة تماماً لما حاكه اللوبي الصهيوني خفية ضد شوكت مسلماني.

من الطبيعي والمتوقع ان تتحرك الجالية العربية في استراليا للدفاع عن ابرز ممثليها في برلمان الولاية. لكن الاحرار والمستقلين من المحامين والسياسيين والمواطنين العاديين لم يتأخروا في التعبير عن آرائهم وعلى رأسها شكوكهم

 

ـ شوكت مسلماني ـ 

بخلفية تلك المداهمة المدانة. بعضهم عبروا عبر وسائل التواصل الإجتماعي، او على صفحات الجرائد، والإذاعات والتلفزة. وقد كتب البروفيسور أحمد هادي الشبول، مؤسس الفرع العربي في جامعة سيدني، مفنداً عناصر الواقعة المشينة. ومما قاله:

 "السيد شوكت مسلماني معروف جيداً كعضو نشيط في حزب العمّال، وهو أحد كبار ممثلي الحزب في المجلس التشريعي في برلمان الولاية. وكان إلى عهدٍ قريب نائباً لرئيس المجلس التشريعي المذكور، قبل أن تُحاك ضدّه حبائل اليمينيين والمتصهينين في ذلك المجلس".

على حدّ علمي، لم تُوجّه إلى السيد مسلماني أية تهمة شخصية. فهو حرّ طليق. وحتى لو افترضنا جدلاً وجود تهمة مثلاً، فالقانون الأسترالي (وقانون أية دولة متحضّرة تؤمن وتنادي بالحرية) يقول إنّ كل متهم بريء حتى تثبت إدانته قانونياً. فليس من الإنصاف ولا العدل أن يُسارع بعضهم إلى التهجّم عليه في وسائل الإعلام أو على ألسنة بعض السياسيين الذين ينطلقون من مواقف أيديولوجية!

هناك أكثر من سابقة لمداهمة قوى الأمن لأشخاص عبّروا عن رأيهم بطريقة قد لا ترضي أساطين التعصّب الأيديولوجي؛ أو كانت أقوالهم أو تصريحاتهم لا تناسب افتراضات أمنية وهمية، يروّج لها وزير الداخلية الفيدرالي بيتر دَتون ومؤيّدوه من اليمين المتشدّد. أذكر مثالين لحادثتين عرفناهما قبل بضعة أشهر: الأولى مداهمة منزل إحدى الصحفيات في جريدة الأستراليان المشهورة (والمفارقة الساخرة أنها أهم صحف شركة مردوك). والحادثة الثانية مداهمة مكاتب هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC). وقد ثبتت براءة الجهتين من أية تهمة مخلّة بالقانون.

كون الشرطة داهمت مكتب النائب مسلماني وبيته لا يعني بالضرورة أنّه متّـهم، أو أنّه خرق القانون. (وهو رجل حقوقي قانوني قبل أن يكون عضواً في البرلمان). ويبدو واضحاً من المعطيات المتوفرة أنّ المخابرات الأسترالية لم يكن لها دور مباشر في هذه المداهمة.

فلماذا تسرّعت قيادة حزب العمّال في وقف عضويته في الحزب؟ أليس هذا من علامات الهلع والنفاق؟ ولماذا يُسارع بعض البرلمانيين وأعضاء حكومة الائتلاف وبعض الإعلاميين المتعصّبين إلى استهداف مسلماني؟ هل لأنّه أشاد بنجاح الصين في السيطرة على وباء كورونا؟ أم لأنّه مؤيّد نشيط وجريء لحقوق الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي؟

في المقابل كرّم السيناتور مسلماني المهندس إدي زنانيري رئيس الرابطة العربية الاسترالية تقديراً لجهود الرابطة في الكشف عن الثغرات القانونية والإجرائية التي برزت في عملية المداهمة والتفتيش وما رافقها من مصادرات موقتة لأجهزة واسطوانات وملفات من منزل مسلماني. 


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق