تدور في هذه الآونة حرب "داحس والغبراء" حول انتخابات المغتربين. فمنهم من يريد لهم أن "ينتخبوا في الـ 128 مقعد" أي مقاعد المقيمين، بحجة أنه لا يجوز حصر المغتربين في ست مقاعد. ومن يسمعهم يولولون ويندبون حظ المغترب في حصر صوته في ست مقاعد، يتبادر إلى ذهنه فورا أن أولئك سيشنّون حملة شعواء لا هوادة فيها لرفع عدد مقاعد المغتربين بما يتناسب مع حجمهم من 6 إلى 12 إلى 18 إلى 24 مقعداً ....إلا أننا نفاجأ بأنهم يسيرون في الإتجاه المعاكس مطالبين بإلغاء المقاعد الستة، مُمنِّنين المغتربين أنهم يريدون لهم أن ينتخبوا في الـ 128 مقعد. بهذه الطريقة – مع الأسف – ينتهي دور المغترب عند باب البرلمان دون أن يدخله. وعلى الضفة الأُخرى هناك من يريد للمغتربين أن تكون لهم مقاعد خاصة بهم – وأنا مؤيد بقوة لهذا الرأي – وأن يُحسب عددها وفق القاعدة نفسها المعمول بها في لبنان، والتي هي على وجه التقريب حوالي 5 مقاعد لكل 100 ألف مسجل. فلو تسجل مثلا 500 ألف مغترب لوجب أن يكون عدد مقاعدهم 25 مقعدا وهكذا... وبهذه الطريقة يدخل المغتربون البرلمان بـ 25 نائب منتخبين حصراً من المغتربين، ولا ينتهي دورهم عند بابه كما في الحالة الأُولى.
آمل ألا تصل الفكاهة – حتى لا نقول السماجة – بأحدهم إلى القول أن كل نائب من الـ 128 يمثّل الإغتراب.
لكن ليس هذا موضوع هذه الأسطر. الموضوع هو التالي: لماذا يَفترض نوابنا "الأكارم" أنهم أوصياء علينا، وأن علينا أن ننتخب إما لمقاعد المغتربين وإما لمقاعد المقيمين؟! ولماذا معاقبة من يريد أن ينتخب في مقاعد المقيمين؟!( مع أنني ضد أن ينتخب المغترب لمقاعد المقيمين)
سأوضح. لماذا لا تضاف مادة إلى قانون الإنتخاب تنص على ما يلي: يُترك للمغترب حق الإختيار في أن ينتخب من الخارج في دائرة قيوده في لبنان أو في دائرة الإغتراب فتنتهي معضلة انتخابات المغتربين عند هذا الحد.
أنا هنا لا أقترح حقوقا جديدة، ولا أمنح أحدا حقوقا لم يمنحها له القانون الحالي.
القانون الحالي يجيز للمغترب الذي تسجل في الإغتراب أن ينتخب في دائرة المغتربين كما أنه يجيز للمغترب الذي لم يتسجل في الإغتراب أن يذهب إلى لبنان وينتخب في دائرته في لبنان، وسؤالي هو التالي: لماذا لا يُسمح للمغترب الذي يريد أن ينتخب في دوائر لبنان أن يفعل ذلك من الخارج؟ وهذا بالضبط ما حصل في انتخابات الـ 2018.
فلماذا لا يساوي القانون بين الجميع؟
أوضح. من يريد من المغتربين أن ينتخب من الخارج عليه أن يتسجل لذلك وكل ما في الأمر هو إضافة سؤال آخر، هل تريد أن تنتخب في دائرتك في لبنان أم في الدائرة الإغترابية؟ فمن اختار أن ينتخب في دائرته في لبنان، يستطيع ذلك تماما كما كان الامر في انتخابات الـ 2018 ، ومن أراد أن ينتخب في الدائرة الإغترابية ينتخب فيها، كل ما في الأمر هو إضافة دائرة جديدة إلى الدوائر الـ 15.
وحتى لا تواجهنا مسألة ما إذا كان عدد المقاعد المخصصة للمغتربين الذين تسجلوا كي ينتخبوا في الدائرة الإغترابية قليلا أو كبيرا، يتم احتساب ذلك العدد على القاعدة نفسها: 5 مقاعد لكل 100 ألف مسجل.
من محاسن هذا التعديل أنّه:
1. يُؤمّن حل لمسألة "يختلف" حولها نوابنا "الأكارم" وطبعا ودوما، حرصا على المصلحة الوطنية ومصلحة المغتربين لا مصالحهم الإنتخابية!!!!!
2. يَترك للمغترب ان يختار في أي دائرة يريد أن ينتخب، فتُرفع عنه الوصاية ولا يقرر عنه أحد.
3. وهذا هو الأهم، يَترك للمغترب أن يكتشف بالممارسة أية طريقة انتخاب تستجيب بشكل أفضل لهمومه وتطلعاته ودوره ، فيختار في المرة القادمة بناء على تلك التجربة وأنا على يقين أن من سيختارون الدائرة الإغترابية سيزداد عددهم مع كل دورة انتخاب، ومن يعش يرى.
0 comments:
إرسال تعليق