في الذكرى الثانية والثمانين لاستقلال لبنان، نقف اليوم أمام لحظة تأمل وصدق مع الذات، نستعيد فيها معاني السيادة والحرية التي ناضل لأجلها أجدادنا، ونتساءل بجرأة ومسؤولية: أي استقلال نحتفل به اليوم، وأي وطن نريد أن نورثه لأبنائنا؟
لقد مرّ لبنان في السنوات الأخيرة بأزمات متلاحقة، من انهيار اقتصادي غير مسبوق، إلى فراغ سياسي دام أكثر من عامين، إلى صراعات إقليمية انعكست على أمنه واستقراره. واليوم، ومع انتخاب الرئيس العماد جوزف عون وتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام، تلوح في الأفق بوادر أمل مشروطة بصدق الإرادة السياسية وجرأة الإصلاح.
إننا نؤمن أن الاستقلال لا يُقاس فقط بخروج المستعمر، بل بقدرة الدولة على بسط سلطتها على كامل أراضيها، واحتكارها للسلاح، وضمانها لكرامة المواطن وحقوقه. الاستقلال الحقيقي هو في عدالة القضاء، وشفافية الإدارة، وحرية التعبير، وكرامة العيش.
إذا كنا نحتفل هذا العام بعيد الاستقلال، فاحتفالنا يكون بروح نقدية مسؤولة، لا احتفالية شكلية، بل وقفة وطنية صادقة لمراجعة الذات.
حيث نؤكد ما يلي:
• دعمنا الكامل لخيار الدولة المدنية القوية، التي تحتكم إلى الدستور وتنبذ منطق المحاصصة والطائفية.
• مطالبتنا الحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي طال انتظارها، وباستعادة ثقة الداخل والخارج على حد سواء.
• مناشدتنا جميع القوى السياسية تحييد لبنان عن صراعات المحاور، والالتزام بمسار الدبلوماسية والاستقرار.
وفي هذا الإطار، يعبّر المجلس القاري لأستراليا ونيوزيلندا عن تقديره ودعمه للسلك الدبلوماسي اللبناني في أستراليا، ممثلًا بسعادة القنصل العام في سيدني شربل معكرون وسعادة القنصل العام في ملبورن رامي حميدي، على مبادرتهما إلى إحياء ذكرى الاستقلال بالشكل اللائق والجامع، في التوقيت نفسه الذي اختارت فيه جهات أخرى تحويل المناسبة إلى حفلات ومآدب شكلية.
فإننا نرى في هذه الخطوة الدبلوماسية تأكيدًا على التمسّك بروح الاستقلال ومعناه الوطني الأصيل، البعيد عن أي استغلال سياسي أو انقسام.
في هذا اليوم، نكرّم شهداء الاستقلال، ونجدّد العهد بأن نكون أوفياء لوطنٍ يستحق أن نحلم به، لا أن نهاجر منه.
فالاستقلال الحقيقي لا يُقاس بحجم الاحتفالات، بل بعمق الالتزام الوطني.
عاش لبنان، حراً، سيداً، مستقلاً.
وليبقَ عيد الاستقلال مناسبةً لتجديد الإيمان بلبنان، رسالة حرية وتعدد وعيشٍ مشترك.
انطوان كرم
رئيس المجلس القاري لاستراليا ونيوزيلندا
الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم



0 comments:
إرسال تعليق