بعد أن اندفعت موسكو في الدفاع عن بشار الأسد طيلة أكثر من سنتين ونصف من حربه ضد شعبه وقدّمت له شتى أنواع الدعم من عسكري وسياسي وديبلوماسي وصولاً إلى الدعم المادي، شعرت روسيا بأنها قد تكون ضحية الخداع الأسدي المأثور، فقام الكرملين أمس بتحذير نظام دمشق علناً وبشكل مباشر للرئيس السوري: "إن كنت تخادعنا فسنغيّر موقفنا".
ويلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء المقبل، يركز فيه على الأسلحة الكيميائية في سوريا وعلى مطالبة مجلس الأمن بقرار يتضمن عواقب على نظام الأسد في حال عدم تعاونه مع المجتمع الدولي.
ميدانياً، سيطر الثوار أمس على سبع قرى في ريف حلب بين معامل الدفاع في السفيرة ومطار حلب الدولي، ولكن مع ارتكاب نظام الأسد مجزرة بالرصاص والسلاح الأبيض في عملية نفذها شبيحته في قرية الشيخ حديد وسط البلاد.
فمن السويد أعلن مدير الإدارة في الرئاسة الروسية أمس، ان موسكو قد تغير موقفها حيال سوريا اذا ما تبين لها ان بشار الاسد "يخادع"، وذلك بعدما قدمت دمشق اللائحة المنتظرة لاسلحتها الكيميائية.
وقال سيرغي ايفانوف حسبما نقلت وسائل الاعلام الروسية خلال مؤتمر في ستوكهولم نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، "ما اقوله في الوقت الراهن هو امر نظري وافتراضي، لكن اذا تيقنا يوما من ان الاسد يخادع، فقد نغير موقفنا".
وأضاف في وقت لاحق في تصريحات اوردتها وكالة الانباء السويدية، انه اذا تبين من دون ادنى شك ان احد الاطراف في سوريا كذب عبر نفيه استخدام اسلحة كيميائية، فإن "ذلك يمكن ان يجعلنا نغير موقفنا ونستند الى الفصل السابع. لكن كل هذا شيء نظري، حتى الان لا توجد ادلة" على ذلك.
وفي مداخلته امام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، اكد ايفانوف مجددا معارضة روسيا لأي تدخل عسكري في سوريا التي تشهد نزاعا اوقع اكثر من 110 الاف قتيل في غضون 30 شهرا.
واعتبر المسؤول الروسي الكبير ان مكان الاسلحة الكيميائية سيعلن خلال اسبوع، مشدداً في الوقت نفسه على ان الجيش النظامي السوري لا يسيطر على كامل اراضي البلاد. وقال "ينبغي ان نعرف ان (الاسد) لا يسيطر على كل الاراضي (السورية). لا نعرف بعد اين يوجد كل احتياط الاسلحة الكيميائية جغرافياً. اعتقد ان ذلك سيتضح خلال اسبوع".
وفي مقابلة اجريت معه الاربعاء الماضي لكن التلفزيون الروسي بثها أمس، قدم ايفانوف تفسيرات لوجود كتابات بالابجدية الروسية على قطع قذائف ادرجت صور عنها في تقرير مفتشي الامم المتحدة الذين يجرون تحقيقا حول الهجوم الكيميائي في 21 آب قرب دمشق.
واضاف "في تلك الفترة، كنا نسلم اسلحة سوفياتية الى عشرات الدول"، مشيرا الى انه يمكن العثور على هذه الصواريخ في اي مكان من العالم. واضاف "يمكن العثور عليها خصوصا في ليبيا التي نهب مخزونها خلال الثورة الديموقراطية المزعومة".
وأعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية أمس وهو الموعد الذي حدده الاتفاق الروسي - الاميركي في 14 ايلول، ان سوريا سلمت اللائحة المنتظرة حول ترسانتها الكيميائية.
وعارضت روسيا الحليف الوفي لنظام دمشق، باستمرار استخدام القوة ضد النظام السوري. وتتهم مقاتلي المعارضة بالوقوف وراء الهجوم الكيميائي في 21 اب في ريف دمشق.
والخميس اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان موقف سوريا منذ الاعلان عن الاتفاق الروسي - الاميركي "يوحي بالثقة"، مقرا في الوقت نفسه بأنه لا يمكنه ان يؤكد "100 في المئة" ان النظام سيطبق حتى النهاية خطة تفكيك ترسانته الكيميائية.
وهذا الاتفاق الذي اعد بينما كانت واشنطن تهدد باللجوء الى عمل عسكري رداً على الهجوم الكيميائي في 21 آب قرب دمشق، والذي وقع في جنيف في 14 ايلول، ينص على ضرورة ان تسلم سوريا كامل ترسانتها الكيميائية التي سيتم تدميرها من الان وحتى منتصف 2014.
ويلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء المقبل يركز فيه على الأسلحة الكيميائية في سوريا، وإصدار قرار من مجلس الأمن يتضمن عواقب على نظام الأسد في حال فشله في التعاون مع المجتمع الدولي.
أضاف مساعد مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي بن رودس، أن أوباما سيؤكد ضرورة أن يقف المجتمع الدولي بحزم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية وسيدعو للقيام بعمل ديبلوماسي واضح من أجل وضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية وتدميرها في النهاية، بما في ذلك إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يتضمن عواقب على نظام الأسد في حال فشله في التعاون مع المجتمع الدولي في هذا المجهود.
ورفض الائتلاف الوطني السوري المعارض أمس عرضا من الرئيس الإيراني حسن روحاني للمساعدة في بدء محادثات مع الحكومة السورية، وقال إن طهران لا يمكنها أن تلعب دور الوساطة بينما تقدم دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا لبشار الأسد.
وقال الائتلاف في بيان "من الأجدى للقيادة الإيرانية أن تسحب خبراءها العسكريين ومقاتليها المتطرفين من أرض سوريا قبل أن تبادر لطرح المبادرات والتسهيلات أمام الأطراف المعنية.. فهي جزء من المشكلة."
واعتبر الائتلاف العرض الإيراني "أمرا يدعو للسخرية وسط كل الدماء التي شاركت إيران بسفكها مع نظام الأسد من خلال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري المقدم إلى الأسد".
وقال "لا شك في أن العرض الإيراني على لسان روحاني هو محاولة يائسة لإطالة أمد الأزمة وزيادة تعقيدها ويسعى به لتغطية ملفات شديدة التعقيد كالبرنامج النووي ودعم الإرهاب يجب على إيران أن تواجه العالم بها في الزمن القريب".
وفي باريس، التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الاليزيه صباح أمس.
وجرى خلال اللقاء بحث علاقات التعاون القائمة بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها وتطويرها، بالإضافة إلى استعراض عدد من القضايا الإقليمية والدولية ولا سيما الوضع في سوريا.
ميدانياً، سيطر الجيش السوري الحر على سبع قرى في ريف حلب بين معامل الدفاع في بلدة السفيرة ومطار حلب الدولي في ظل استمرار معارك أخرى، في حين قُتل 15 شخصا بالرصاص والسلاح الأبيض في عملية نفذها الجيش السوري وميليشيات موالية للنظام في قرية سنية بوسط سوريا.
ومن بين القرى التي سيطر عليها الثوار ديمان وحسينية ورسم الشيخ، بينما لا تزال الاشتباكات مستمرة في عدة قرى أخر، وقد استطاع الثوار تدمير ست دبابات في قرية الحمام وقتل جميع عناصر قوات النظام.
وتأتي هذه المعارك بعد تمكّن الثوار من السيطرة على الطريق الذي يصل خناصر بمعامل الدفاع سعياً للسيطرة على معامل الدفاع التي تُعد أقوى نقطة تجمع لقوات النظام في حلب ومركز تزويد قوات النظام بالأسلحة.
وأعلنت شبكة شام الإخبارية مقتل شخصين وعدد من الجرحى معظمهم في حالة خطرة جراء هجوم على مدينة السفيرة بريف حلب.
وبالتزامن مع هذه التطورات، قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة حي برزة في دمشق الذي يشهد كذلك اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام على جبهة الإنشاءات العسكرية، وفقا للمصدر ذاته.
ويقول المصدر ، فإن قوات النظام تقصف بالمدفعية الثقيلة مدن معضمية الشام وداريا ويبرود وببيلا، مستهدفة عدة مناطق في الغوطة الشرقية، وسط اشتباكات عنيفة على الجبهة الشمالية لمدينة معضمية الشام.
كما أوضح المجلس المحلي لمدينة داريا أن هناك اشتباكات على الجبهة الغربية للمدينة بين الجيشين الحر والنظامي إثر محاولة الأخير التقدم ضمن أحياء المعضمية لتأمين طريق القنيطرة (الأربعين).
وقال المرصد السوري إن امرأة وطفلين بين ضحايا هجوم القوات والميليشيات الموالية للأسد على قرية الشيخ حديد.
وتابعت أن 26 شخصا لاقوا حتفهم هم 16 جنديا وعشرة من افراد قوات الدفاع الوطني حين هاجم مقاتلو المعارضة نفطة تفتيش قريبة امس، كما نشب قتال في قرية جلمة على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب الشيخ حديد أمس.
وقدرت شبكة شام الإخبارية اعداد القتلى في الشيخ حديد بالعشرات لكنها لم تذكر تفاصيل.
وسيطرت المعارضة على عدة قرى جنوب حلب أمس في مسعاها لعزل أكبر مدينة سورية عن قوات الأسد لمنع وصول الامدادات والتعزيزات من دمشق.
المستقبل (ا ف ب، رويترز، قنا، سوا، الجزيرة)
0 comments:
إرسال تعليق