الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

لبنان: حسن نصر الله يتهم ماكرون بـ"الاستعلاء" ويدعوه لإعادة النظر بلغة التخاطب


اعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الثلاثاء الانتقادات التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للطبقة السياسية اللبنانية بخصوص فشلها في تشكيل حكومة، أنها تعبر عن سلوك "استعلائي"، رافضا اتهام الطبقة السياسية لبلاده بـ"الخيانة". وإن أكد نصر الله تأييده للمبادرة الفرنسية، إلا أنه دعا في الوقت نفسه إلى "إعادة النظر... بالطريقة وبالعمل وأيضا بلغة التخاطب". كما رفض أن يكون ماكرون "وصيا" على لبنان.

رد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الثلاثاء على ما أسماه السلوك "الاستعلائي" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. رافضا اتهام الأخير للطبقة السياسية في لبنان بـ"الخيانة" بعد فشلها في تشكيل حكومة رغم تعهدها بتأليفها خلال أسبوعين.

وجاءت تصريحات نصر الله بعد يومين من اتهام الرئيس الفرنسي القوى السياسية في لبنان، التي لم تف بالتزامها في تسهيل تأليف الحكومة بارتكاب "خيانة جماعية"، مانحا إياها مهلة من "أربعة إلى ستة أسابيع" لتشكيل حكومة "بمهمة محددة" تحصل على دعم دولي.

ورغم انتقادات لاذعة وجهها إلى ماكرون الذي يمارس ضغوطاً كبيرة على الطبقة السياسية منذ انفجار المرفأ المروع، أكد نصر الله تأييده للمبادرة الفرنسية، داعيا في الوقت ذاته إلى "إعادة النظر" في طريقة العمل.

وقال نصر الله في كلمة، بثتها قناة المنار التابعة لحزبه تعليقا على تصريحات ماكرون، الأحد: "لا نقبل أن تتهمنا بأننا ارتكبنا خيانة.. نرفض وندين هذا السلوك الاستعلائي علينا وعلى كل القوى السياسية" مضيفا "لا نقبل هذه اللغة ولا هذه الطريقة".

وتابع "رحبنا بالرئيس ماكرون عندما زار لبنان، لكن على ألا يكون مدعياً عاماً ومحققاً وقاضياً ومصدراً للأحكام ووصياً وحاكماً ووالياً على لبنان".

وحمل نصر الله بشدة على "الطريقة التي تم العمل بها.. والاستقواء الذي مورس" خلال الأسابيع الماضية، مضيفاً "اتهمنا الرئيس ماكرون أننا نخوف العالم، من يتهموننا بالتخويف هم الذين مارسوا سياسة التخويف على الرؤساء والكتل والأحزاب من أجل تمرير تهديدات وعقوبات".

ووصف الأمين العام لحزب الله الضغوط التي مورست قبل اعتذار رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب بأنها شكلت "مساً بالكرامة الوطنية"، إلا أنه قال في الوقت ذاته "نتمنى لهذه المبادرة أن تنجح ونؤيد أن تكمل ونراهن عليها كما يراهن الجميع ولكن أنا أدعو إلى إعادة النظر بالطريقة وبالعمل.. وأيضا بلغة التخاطب".

وأعاد اعتذار مصطفى أديب السبت عن عدم تشكيل حكومة جديدة الوضع السياسي في لبنان، الغارق أساسا في أزماته لا سيما الاقتصادية، إلى المربّع الأول. واصطدمت جهوده تحديدا بشروط وضعها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز المدعومة من طهران، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، لناحية تمسكهما بتسمية الوزراء الشيعة والاحتفاظ بحقيبة المال.


إلا أن نصر الله رفض أن يكون قد وضع شروطاً عرقلت مساعي التأليف. واتهم رؤساء الحكومات السابقين السنة الذين سموا أديب لرئاسة الحكومة بمحاولة فرض "حكومة أمر واقع"، مع إصرارهم على تشكيل حكومة مصغرة من 14 وزيرا وفرض المداورة على الحقائب وتسمية الوزراء كافة وتوزيع الحقائب في محاولة لتغيير "الأعراف" المتبعة في تشكيل الحكومات.

وأوضح أن الورقة الفرنسية التي توافقت عليها القوى السياسية خلال زيارة ماكرون الأخيرة لبيروت لم تتضمن كل ذلك.

وشدّد نصر الله على أهمية مشاركة حزب الله في الحكومة. وقال "يجب أن نكون في الحكومة، عبر حزبيين أو غير حزبيين، هذا قابل للنقاش، لحماية ظهر المقاومة".

ولم يحدد الرئيس اللبناني ميشال عون موعداً للاستشارات النيابية الملزمة التي يتعيّن عليه إجراؤها من أجل تكليف شخصية جديدة تشكيل الحكومة.

وفي لبنان، البلد القائم على منطق التسويات والمحاصصة، غالبا ما تكون هذه الاستشارات شكلية، ويسبقها التوافق بين القوى الرئيسية على اسم رئيس الحكومة المكلّف قبل تسميته رسمياً. وينسحب المبدأ ذاته على تشكيلة الحكومة التي يضعها.

فرانس24/ أ ف ب

الأحد، 27 سبتمبر 2020

ماكرون: أخجل مما يقوم به القادة اللبنانيون

 


رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن القوى السياسية اللبنانية لم ترغب باحترام التعهد الذي اتخذته امام فرنسا وقررت أن تخون الالتزام مشيراً الى أن "القوى وجدت تفضيل مصالحها الفردية على مصالح البلد".

وأكّد أنه سيتصرّف بموجب هذه الخيانة الجماعية التي مارستها القوى السياسية محملاً إياها المسؤولية. ورد على سؤال إحدى الصحافيات بالقول: "أخجل مما يقوم به القادة اللبنانيون".

وأشار ماكرون، في مؤتمر صحفي خُصص للحديث عن التطورات على الساحة اللبنانية، الى أنه "لم يكن أحد من القادة السياسيين على مستوى التحديات" لافتا الى أن لا احد منهم يمكنه ان ينتصر على الاخر.

وأكد أن خارطة الطريق الفرنسية هي الخيار الوحيد المتاح ولا تزال مطروحة، مشدداً على أن فرنسا لن تتخلى عن الشعب اللبناني. وأعلن أنه سيدعو المجموعة الدولية لمساعدة لبنان في غضون 20 يوما وإطلاعهم على آخر التطورات مطالباً بإعلان نتيجة التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت.

وتحدّث عن المشاورات في الملف الحكومي، معتبراً أن الرئيس سعد الحريري كان مخطئا بإضافة عنصر طائفي إلى تشكيل الحكومة وأن أمل وحزب الله اتفقا على انه لن يتغير اي شيء، لافتاً الى أن لا حزب الله ولا حركة أمل يريد تسوية.

وإذ شدد على أنه لن يتحمل "الفشل" شخصيا معترفاً انه لم يتمكن من حل المشكلة بين الولايات المتحدة وإيران، قال إن لا دليل على أن إيران لعبت دورا في منع تشكيل الحكومة اللبنانية.

كما أوضح أن العقوبات لا تبدو له الخيار المناسب حاليا ولا تستجيب الى الحاجة، مؤكداً أن "ما علينا القيام به هو ممارسة الضغط السياسي".

ولفت الى أن "لا احد سيضع مالاً لبنان طالما ظلت الأوضاع على حالها"، مشددا على أن "الحل الوحيد هو حكومة مَهَمة وان تكون كل طائفة ممثلة فيها ولكن لا يكون الوزراء رهائن طائفتهم ".

وتحدث الرئيس الفرنسي عن "فرصة أخيرة" للمسؤولين اللبنانيين للوفاء بتعهداتهم وأمهل زعماء لبنان أربعة إلى ستة أسابيع أخرى لتشكيل حكومة في إطار المبادرة الفرنسية.

وقال: من الآن حتى شهر علينا ان نقوم بمراجعة التقدم وإن لم يحصل هذا التقدم سنكون مرغمين لمقاربة خيار اخر وقد نذهب نحو تغيير الهيكلية السياسية الموجودة في لبنان وهذا أمر خطر في ظل الاوضاع الاقتصادية.

وخصص ماكرون جزءاً كبيراً من خطابه للحديث عن حزب الله، حيث اعتبر أن الحزب لا يمكنه ان يكون جيشاً محارباً لإسرائيل ومليشيا الى جانب سوريا وحزباً محترماً في لبنان، لافتاً الى أنه أظهر العكس في الايام الاخيرة.

ورأى أنه لابد لحزب الله من توضيح موقفه، وقال: "على حزب الله ان يتخذ خيارا تاريخياً فهل يريد الديمقراطية ولبنان أم يريد السيناريو الأسوأ؟ والأمر بيد بري وحزب الله".

وأشار الى أن "حزب الله استفاد من قوته ولعب دور مجموعة ارهابية ومليشيا وحان الوقت له أن يوضح اللعبة فلا يمكنه أن يرهب الآخرين بقوة السلاح ويقول انه طرف سياسي"، لافتاً الى أن على حزب الله ألا يعتقد أنه أقوى مما هو عليه.

وكشف ماكرون أن شرح للجانب الايراني بنود المبادرة الفرنسية نافياً أن يكون قد طلب من الإيرانيين من التدخل مع حزب الله. وقال: ناشدتهم ان لا تحصل تدخلات سلبية.

وتطرق الى الشق الامني، مطمئناً أن لا خشية من وقوع حرب أهلية، مؤكداً أن الوضع دقيق على النحو الامني والسياسي والاقتصادي في لبنان.

الجمعة، 25 سبتمبر 2020

اسرائيل تتاهب على حدود لبنان


 بعد أربعة أشهر من رفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب بين صفوفه في شمال إسرائيل، لا يزال أسطول 914 التابع للبحرية جاهزاً للرد على أي تهديد على طول الحدود مع لبنان، على الرغم من الهدوء النسبي الميداني السائد في المنطقة.

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن قائد السرب، كفير رافيه، قوله إنّه "لا يوجد شيء هادىء عند قيادة أسطول العمليات، لاسيما في الشمال".

وتولى رافيه منصبه العام الماضي، قبل وقت قصير من إطلاق "حزب الله" ثلاثة صواريخ مضادة للدبابات باتجاه مواقع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود، ويبدو أنّه يخشى تكرر السيناريو نفسه في هذا العام.

وأكّد رافيه أنّه "تم مواجهة العديد من التحديات البحرية هذا العام، ولكن الأبرز بالنسبة لنا هو التأكد من بقاء القوات في حالة تأهب في جميع الأوقات، حتى عندما يبدو الجو هادئاً"، مشدداً على أنّ "حزب الله هو تهديدنا الرئيسي وعلينا أن نكون مستعدين دائمًا للانتقال من صفر إلى 100".

ولفت القائد العسكري إلى أنّه "على الرغم من أنّ علاقات البحرية مع القوات الجوية كانت دائما قوية، إلا أن العلاقات مع القوات البرية قد زادت في السنوات القليلة الماضية"، معتبراً أنّ "هذا التعاون ضروري للغاية عند التعامل مع الحزب، وهو عدو يمكنه استهداف أهداف برية وبحرية".

وتستعد إسرائيل لهجوم محتمل من قبل "حزب الله"، بعد مقتل أحد عناصره إثر غارة في سوريا، تموز الماضي.

ووفقاً لرافيه، فأنّ "أسطوله جاهز ومستعد للرد على أي حادث في البحر، موصياً "حزب الله" بـ"التفكير مرتين قبل مهاجمة إسرائيل". وحذّر من أنّه "إذا كانوا يريدون التحرك نحونا، سيقابلون جيشاً قوياً للغاية، على الأرض وفي الجو والبحر".

هذا ويتولى أسطول 914 مهمة حرس الحدود بين إسرائيل ولبنان والمنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد (EEZ)، التي تجلب 90 بالمائة من واردات إسرائيل على زوارق دورية Dvora. وكذلك تأمين منصات حفر الغاز الطبيعي الموجودة في المنطقة الاقتصادية.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي أنّ "حزب الله" يمتلك صواريخ بعيدة المدى يمكنها إصابة منصات الحفر، والتي توفر كمية كبيرة من الكهرباء المستهلكة في إسرائيل.

الخميس، 24 سبتمبر 2020

المجلس العالمي لثورة الأرز: انفجار عين قانا وتداعياته على لبنان وخاصة سكان المناطق التي يحتلها الحرس الثوري


واشنطن في  24 آيلول 2020

بعد الكارثة التي حلت ببيروت بتفجير المرفأ وما تبعه من تدمير لنصف المدينة وتهجير كامل لآلاف المواطنين عدا عن القتلى والجرحى الذين قضوا تحت الأنقاض، وتحرك العالم لمحاولة المساعدة التي اصطدمت بتعنت من يدعون السيطرة على البلد، ها نحن اليوم أمام كارثة من نوع آخر تهدد قرى الجنوب وأهله الذين اعتقدوا بأنهم بعيدين عن الأخطار فإذا بالمصائب تلحقهم إلى قراهم الآمنة. من هنا يجد المجلس العالمي لثورة الأرز أنه لا بد من ملاحقة الجناة ووضع النقاط على الحروف كما يلي:

- إن الاحتلال الايراني الذي تعمّد تخزين اسلحة ومتفجرات بين البيوت السكنية في قرى لبنانية على طول البلاد وعرضها لم يتوانَ لحظة بافتعال تفجير يشبه القنبلة الذرية دمر بيروت بدون أن يرمش له جفن لا بل بدأ البعض من جماعته يروجون بأن هذه الضربة وذيولها ستؤدي إلى تهجير المسيحيين من لبنان وترك الساحة لهم.

- إن الاستمرار بتخزين الأسلحة والمتفجرات بين المنازل وفي الأحياء السكنية هو موضوع مرفوض في كل بلاد العالم فكيف إذا ما كانت القرارات الدولية وعلى راسها قرار مجلس الأمن 1559 ومن بعده القرار 1701 قد طالبت بنزع هذه الأسلحة من لبنان وتحديدا من جماعة إيران هؤلاء. 

- إن حزب السلاح الذي دمر لبنان في حرب "لوكنت أعلم" في 2006 لم يكتف بالاستمرار بتجميع الأسلحة والمتفجرات خلافا للقرارات الدولية بل وزع هذه على القرى والدساكر في كل لبنان وما هذا الانفجار إلا اشارة تحذيرية للبنانيين بأن هذه المخازن سوف تشكل خطرا على المواطنين في شتى المناطق وتؤدي إلى كوارث وفواجع هم بغنى عنها خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها البلد لأن ما سيدمر هذه المرة لن يعاد بناءه أو يعوض على أصحابه كما كان اعتاد أهل الجنوب.


- إن المجلس العالمي لثورة الأرز الذي نبه سابقا إلى مثل هذه الأمور وتخوّف من حدوثها وطالب أن تنظف المناطق اللبنانية منها بدأً من تلك البعيدة عن تواجد المليشيات المسلحة، لم يجد آذانا صاغية من قبل المسؤولين، لا بل قام البعض باقامة دعاوى ضد رموزه. من هنا ورحمة بأهالينا في كل لبنان، نطالب الأهالي بالتحرك لمنع هذه القوى التي لا تهتم لمصيرهم بأن تزيل الخطر من قراهم وتبعد عنهم هذه المخازن وتسلمها للجيش أو قوات الأمم المتحدة التي تسهر على أمن المواطنين.

- إن أسباب الانفجار ونتائجه لم تبحث من قبل أجهزة الدولة ولم يصدر حتى الآن أي تقرير جدي عنها ما يدعو للقلق، فإما أنها ممنوعة من الدخول إلى مثل هذه الأماكن وهي تقع في غير دولة ولا سيادة للبنان عليها، وإما أن الدولة غائبة ومتخلية عن صلاحياتها. من هنا يطلب المجلس العالمي لثورة الأرز من الأمم المتحدة التدخل وارسال فريق للتحقيق بهذه الانفجارات لتطمين الأهالي على عدم تكررها. وهذا ليس بالأمر الصعب لأن للأمم المتحدة قوة كبيرة في جنوب لبنان قادرة على القيام بمثل هذا التحقيق ورفع تقريرها عنه.

- إن قوة الانفجار ونتائجه، التي مُنع الاعلام عن نقلها أو تصويرها أو حتى الكلام عنها، حيث بدا أن منازل قد دمرت وسيارات وممتلكات احترقت، أدت إلى خوف أهالي البلدة وهرب بعضهم. ولم تعطى اية معلومات عن عدد القتلى والجرحى ما جعل المواطنين يعيشون بذعر وريبة لأنه ليس هناك من يحميهم.

- إن من يدعي المسؤولية ويتصدر الكراسي ويحرك الشارع كلما طولب بالتوقف عن هدم الوطن ومؤسساته يجب أن يرتدع وينهي هذه المأساة التي تطال الكل، فما جرى أمس في أحياء المسيحيين والسنة في بيروت يجري اليوم عند الشيعة في اقليم التفاح وغدا لا أحد يعلم اين. من هنا وبما أننا لم نعد نثق بقدرة من في الحكم على منع المصائب عن الناس نطلب من اللبنانيين التماس وضع لبنان تحت البند السابع لتنفيذ القرارات الدولية أولا ومن ثم اجراء انتخابات تحت اشراف الأمم المتحدة تأتي بطاقم جديد، بعيد عن طاقم الفساد والجبن الذي هدم البلد وشتت أهاليه بعد أن أفقرهم، لكي يقوم لبنان بعد تنظيفه من السلاح وبؤر التخريب وتعود الحياة إلى مؤسساته والأمل إلى مواطنيه.  

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020

مئات المتضررين من انفجار بيروت يقاضون الدولة


بيروت (أ ف ب)

بعدما خسر والده في انفجار المرفأ المروّع، يعتزم الشاب إيلي الحصروتي تقديم شكوى قضائية ضد الدولة اللبنانية على غرار مئات المتضررين وعائلات ضحايا الفاجعة التي غيّرت وجه بيروت.

ومع علمه أن الشكوى لن تعيد إلى الحياة والده غسان، الموظف في غرفة التحكّم في إهراءات القمح منذ نحو أربعة عقود، إلا أنّه يعتبر أن تحقيق العدالة ضروري لمنع تكرار الكارثة.

ويقول المهندس الشاب لوكالة فرانس برس "نخطط للتحرك قانونياً.. لسبب بسيط وهو أن ما جرى لا يخصّ الناس الذين غُدروا جراء الإهمال، بل يتعلق بنا نحن الباقين في هذا البلد والراغبين بالعيش فيه بكرامة".

ويضيف "يجب أن تُحدّد المسؤوليات وكل سلوك أوصل الى هذا الوضع حتى تتمّ معالجته واتخاذ التدابير الكفيلة بردع أي تصرف مماثل في المستقبل".

وكان والد إيلي في عداد أكثر من 190 شخص قتلوا جراء انفجار الرابع من آب/أغسطس في مرفأ بيروت، الذي تسبب أيضاً بإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح وشرّد نحو 300 ألف من سكان بيروت ممن تضررت منازلهم ومؤسساتهم أو تدمرت.

وعزت السلطات ما جرى إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 منذ أكثر من ست سنوات من دون اتخاذ اجراءات وقاية.

وتصدّرت مأساة عائلة الحصروتي وسائل الإعلام، بعدما بقي غسان في عداد المفقودين لأسبوعين. وعاشت أسرته فترة عصيبة الى حين انتشال جثته من تحت الأنقاض.

وأثار الانفجار غضباً واسعاً في لبنان، خصوصاً بعدما تبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة، حكومية وقضائية وأمنية، كانوا على دراية بمخاطر تخزين مادة مماثلة في المرفأ.

- "لا انتقام" -

ويؤكد إيلي أن الشكوى لا تهدف بالدرجة الأولى إلى "الاقتصاص" من المسؤولين، إنما إلى "معالجة الأسباب التي أودت الى هذه المجزرة". ويسأل "ما النفع إذا بالمفهوم القانوني حوكم من سيتبيّن أنهم مذنبون ولم تتغير طريقة الأداء" الرسمي؟

وعائلة غسان الحصروتي هي واحدة من بين 1228 عائلة كلّفت حتى الآن نقابة المحامين في بيروت تقديم شكاوى قانونية في قضية الانفجار.

وتتولى النقابة التدقيق في الملفات والتأكد من تضمّنها المستندات اللازمة قبل توكيل محامٍ لتقديم الشكوى إلى النيابة العامة التمييزية أو لدى المحقق العدلي القاضي فادي صوان الذي يتولى التحقيق في الانفجار.

ولا يمكن وفق القوانين اللبنانية تقديم شكوى جماعية باسم المتضررين، لذا سيتم رفع كل دعوى بشكل منفصل.

ويقول نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف الذي يقود جيشاً من المحامين المتطوعين المكلفين اعداد الملفات لفرانس برس "أمام جريمة مأساوية من هذا النوع لا يمكن ان نبقى مكتوفي الايدي.. أمام هذا الهول نحن طلاب عدالة، العدالة لكل الناس".

ويضيف "نحاول أن نقول للناس لستم لوحدكم، نحن لا نطلب انتقاماً بأي شكل من الأشكال. لا نريد إلا العدالة وهذا حق من الحقوق الأساسية للإنسان".

وبدأت النقابة تلقي الطلبات إثر الانفجار من العائلات المتضررة عبر سبعة مراكز ميدانية أقامتها في الأحياء المنكوبة، تطوع فيها 400 محام، وفق خلف. ويتولى مئتا محامي آخرين تقديم المساعدة القانونية.

وتعاونت مع نقابة خبراء التخمين العقاري، التي تطوع 468 من خبرائها من أجل تقييم الأضرار المادية التي لحقت بمقدمي الشكاوى.

على شاشة حاسوب كبيرة في مكتبه داخل غرفة العمليات في نقابة المحامين، يتابع المحامي علي جابر مراحل تقدّم الملفات، سواء تلك التي ما زالت قيد الدرس أو تمّ التدقيق بها ورفعها إلى خلف لتوكيل محام لمتابعة القضية مجاناً.

وتهدف الدعاوى امام القضاء بداية إلى "تحديد المسؤوليات"، وعند صدور الأحكام من المراجع المختصة يُمكن للمدعين المطالبة عبر دعاوى أخرى بالتعويضات المناسبة، وفق ما يشرح جابر.

- تحقيق بلا نتائج -

وتُظهر احصاءات يستعرضها عبر الشاشة كيفية توزع مقدّمي الشكاوى. ويتبيّن أنّ نحو 82 في المئة منها مقدّمة من أشخاص تضرروا مادياً. ويحل في المرتبة الثانية من لحقت بهم أضراراً مادية وجسدية في آن معاً بنسبة 7,49 في المئة. أما نسبة مقدمي الشكاوى ممن فقدوا أحد أفراد عائلاتهم فهي 1,12 في المئة.

وتحقّق السلطات، التي رفضت اجراء أي تحقيق دولي، في أسباب الانفجار وملابساته. وشارك محققون فرنسيون وأميركيون في التحقيقات الأولية. إلا أنّه بعد سبعة أسابيع من الانفجار لم تعلن السلطات نتائج أي من التحقيقات التي تجريها.

وتمّ حتى الآن توقيف 25 شخصاً في القضية بينهم كبار المسؤولين عن إدارة المرفأ وأمنه، بينما يستمع المحقق العدلي تباعاً لمسؤولين سياسيين وأمنيين، بينهم وزراء تعاقبوا على الوزارات المعنية وقادة أجهزة أمنية.

واعتبرت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته بعد شهر من وقوع الانفجار "بات من الواضح على نحو متزايد أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية... ليست مستقلة ولا حيادية" مجددة دعوتها إلى "إنشاء آلية دولية لتقصي الحقائق لضمان حقوق الضحايا في الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة وإتاحة سبل الإنصاف".

ويبدي لبنانيون كثر عدم ثقتهم باستقلالية القضاء، في بلد يقوم على منطق المحاصصة والتسويات وتسود فيه ثقافة الافلات من العقاب. وغالباً ما يكون القضاة الذين ينظرون في قضايا كبرى عرضة لضغوط من قوى سياسية نافذة.

ويقول خلف متوجهاً للقوى السياسية "ارفعوا أيديكم عن القضاء. هذه الفاجعة أصابت كل الناس ولا يمكن إدخال جريمة بهذا الحجم في تجاذبات سياسية".

وينتقد كيف أنّه "بعد قرابة خمسين يوماً على الانفجار، لم يصلنا أي تقرير تقني بعد"، مشدّداً على أنّ "معرفة الحقيقة والعدالة تريح الناس وتمكنهم من العيش بطمأنينة".

© 2020 AFP

الجمعة، 18 سبتمبر 2020

آثار انفجار مرفأ بيروت يلقي بظلاله على الأسرة اللبنانية


 بيروت/ غفران حدَّاد ـ

انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب لم يخلف فقط قتلى وجرحى وهدم المنازل ، وإنما ايضا صدمة نفسية عنيفة لآلاف الأطفال. بعض خبراء التربية يتوقعون استمرار التأثيرات النفسية لهذا الانفجار على الأطفال في المستقبل فكيف تواجه الأم مشاكل الخوف والقلق عند اطفالها من آثار الانفجارات؟


الاخصائية النفسية التربوية رشا النوري تقول في حديث سريع لوكالة الغربة :

"يحتاج الأطفال المتضررون من انفجارات بيروت الى الدعم النفسي فالاحتياجات هائلة وسيحتاج العديد من الأطفال الى دعم نفسي من الوالدين ومن المختصين نفسيا خاصة وان يكون هذا الدعم النفسي للأهالي ايضا لمواجهة الآثار السلبية التي تتركها الحروب وذلك من خلال جلسات نفسية تكون بشكل فردي او مع مجموعة من الاشخاص الذين عاشوا نفس التجربة المؤلمة.. وهنا نعمل على مساعدة الطفل لإدراك تصرفاته والعمل على تغييرها ولهذة الانشطة النفسية اثارا بالغة الاهمية في علاج اضطرابات مابعد الحروب فالكثير من الدراسات توصلت الى ان نقص الدعم الاجتماعي يودي الئ تدهور مضاعفات الصدمة".

وعن كيفية محاولات الأهل ان يمحوا الذكريات التي بقيت في ذاكرة الأطفال اللبنانيين وهم شاهدوا وعاشوا مشاهد هدم بيوتهم على رؤوسهم وتشييع الموتى الذي يرونه في الشارع أو التلفاز تشير بالقول :" تركت أجواء الحرب التي عاشها الاطفال آثارا خطيرة ومشاكل نفسية اجتماعية ومن افضل الطرق لمواجهة الاحداث السيئة للأطفال هي إعادة تذكرها وجلبها للواجهة ثم معاملتها كذكرى جديدة واضعافها..



مبينة:"يمكن مساعدة الاطفال على النسيان من خلال النشاطات النفسية وتجمعات الأطفال مع الاخرين وتشجيعهم على النشاطات الرياضية وتفريغ الضغط النفسي الذين يعانون منه خلال فترة العلاج النفسي".

ومعاناة المرأة العربية بشكل عام واللبنانية والمغتربة بشكل خاص كيف لها أن تكون قوية في مواجهة مصاعب الحياة الأمنية والإقتصادية التي تعيشها اليوم تؤكد رشا: الأزمات الإقتصادية والحروب والإنفجارات أثر على نفسية الأهالي وخاصة الأمهات فعليهنّ تقبل الواقع ومواجهة صعوبات الحياة من خلال تقبل النتائج المحتملة والتعامل معها كتجربة يمكن التعلم منها ولا بد هنا من الحصول على الدعم الاجتماعي والنفسي من الأصدقاء ومن المختصين في العلاج النفسي ومن خلال التعاون والمشاركة والتحلي بالصبر وقوة الإرادة وبدونها تصبح الأم هشة ضعيفة أمام مصاعب للحياة".

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2020

المجلس العالمي لثورة الأرز: الكونغرس الاميركي يراقب بحظر تصرف الجيش اللبناني مع المتظاهرين


 واشنطن في  15 آيلول 2020

ما رأيناه من صور في وسائل التواصل الاجتماعي حول قيام عسكريين بتوجيه بنادق صيد مباشرة إلى الثوار أمر لا يمكن السكون عنه. من هنا يصر المجلس العالمي لثورة الأرز على توضيح التالي:

- أولا إن مهمة الجيش الوطنى وفي شتى المناسبات والظروف هي حماية الشعب والحفاظ على أمن المواطنين. وفي حالات الغليان الشعبي، وقد مر لبنان بمثلها في عدة مرات، لا يمكن للجيش أن يكون طرفا، فهو يحمي السلم الأهلي صحيح، ولكنه ليس بأداة قمع تسيّرها السلطة بمواجهة المتظاهرين، ودوره مساندة قوى الأمن الداخلي في حماية حق الناس بالتعبير السلمي والذي لا يشكل تعدي على الاملاك الخاصة والعامة.

- إن تصرف البعض، خاصة ما سمي شرطة المجلس النيابي، بالتعرض للمواطنين بشكل غير انساني واستعمال الرصاص المطاط على أعين المتظاهرين وايضا استعمال خرطوش الصيد مباشرة لاصابتهم بجروح، هي جريمة بحق الشعب الذي يعبر عن رايه سوف يحاكم عليها المسؤولون عن هذه الفرقة التي تعتبر ميليشيا أكثر منها جهاز أمن.


- أما فيما يتعلق بالجيش الوطني والذي يؤمل بأن يكون حارس الدولة والمحافظ على القانون وحامي الدستور وهو يدرب من قبل أكبر دول العالم حيث تصرف عليه موازنات ضخمة لكي يبقى الضباط والعسكريين التابعين له بمنأً عن الصراعات الداخلية ويشعرون بأنهم يمثلون الوطن ويحمون مستقبله، فإن تصرف جنودا منه كما المليشيات الأخرى بالتصويب على المتظاهرين فهذا أمر غير مقبول ولا بد لمن تجرأ على أعطاء الأمر، إذا كان هناك من أمر، أو على الفاعل، إذا كانت جريمته شخصية، أن يعاقب على هذه الفعلة الشائنة.

- إن المجلس العالمي لثورة الأرز، الذي يخوض صراعا في واشنطن حول المساعدات المعطاة للجيش اللبناني ضد قوى كبرى في الكونغرس الأميريكي، يطالب المسؤولين من رأس الهرم نزولا إلى آخر جندي باحترام قواعد واصول العمل العسكري وعدم التسامح مع اي تجاوز للأوامر وأي استهتار بمهمة الجيش التي تقضي باحترام حق المواطنين بالتعبير السلمي عن آرائهم.


- من هنا نطالب القيادة باتخاذ أشد التدابير بحق الجنود الذين ظهروا في الصور وهم يسددون بنادق الصيد أو غيرها باتجاه المتظاهرين وبالضباط المسؤولين الذين سمحوا بذلك، لأن الموضوع مهم ويتعلق بمستقبل المساعدات للجيش وهو الأمل الوحيد المتبقي بعد أن ظهرت كل القوى السياسية حتى اليوم بمظهر يغلفه الفساد وتطغى عليه المصالح الخاصة والتي لا يهمها أمور الناس ولا مستقبل الوطن ما أدى إلى تدهور الوضع واستفحال الازمات السياسية والمعيشية. 

- إننا وقد نبهنا سابقا لتصرفات بعض رجال المخابرات باستعمال القساوة ضد المتظاهرين الموقوفين كي لا نضطر إلى تحمل تشويه صورة الجيش لا يمكننا السكوت بعد اليوم على تصرفات وقحة أقل ما يقال فيها بأنها غير مسؤولة وشاذة.  

الأحد، 13 سبتمبر 2020

لبنان: نبيه بري يعترض على طريقة تشكيل الحكومة الجديدة ويرفض المشاركة فيها


قال مكتب رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إن حزبه يرفض الطريقة التي يتبعها رئيس الوزراء المكلف لتشكيل حكومة جديدة.

وأضاف المصدر أنه لن ينضم على أساس ذلك لمجلس الوزراء، لكنه سيتعاون في كل ما يلزم لاستقرار بلاده التي تمر بأزمة.

وأورد مكتب بري، الذي يتزعم حركة أمل الشيعية المتحالفة مع حزب الله، في بيان، انتقادات لطريقة رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب في تشكيل الحكومة ومن بينها عدم التفاوض.

"المشكلة ليست مع فرنسا"

وأكد مكتب بري في البيان أن المشكلة ليست مع الفرنسيين ولا مشكلة داخلية، وذلك بعد أن قال حليف سياسي لبري إنه تحدث هاتفيا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحث لبنان على تطبيق إصلاحات.

وتابع البيان "لذا أبلغنا رئيس الحكومة المكلف من (عندياتنا) ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الأسس في الحكومة، وأبلغناه استعدادنا للتعاون إلى أقصى الحدود في كل ما يلزم لاستقرار لبنان وماليته والقيام بالإصلاحات وإنقاذ اقتصاده".

من جهة أخرى، قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد إن الرئيس يضغط على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع، والعمل على انتشال البلاد من أسوأ أزمة تشهدها منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

وأفاد قصر الإليزيه دون أن يورد تفاصيل عن أي مناقشات "الرئيس (الفرنسي) يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين في لبنان". 

محادثة هاتفية مع ماكرون

وأجرى ماكرون اتصالا هاتفيا برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في محاولة لتذليل عقبة تتعلق بتعيين وزير للمالية وهو منصب عادة ما يسيطر عليه الشيعة وفقا لما ذكره حليف لبري.

وأشار بري إلى وجود قلق من غياب المشاورات وما وصفه "بالاستقواء بالخارج" في تشكيل الحكومة. واستخدم حليف آخر لحزب الله هو السياسي المسيحي جبران باسيل التعبير نفسه خلال كلمة ألقاها الأحد.

ولم يدل أديب، وهو سياسي سني، بالكثير من التصريحات لكن مصادر قالت إنه يريد تغييرا شاملا في قيادة الوزارات التي لم تُسند بعضها إلا لنفس الطوائف منذ سنوات.

وتعهدت دول مانحة بتقديم مليارات الدولارات في 2018 لكن تلك المبالغ لم تُمنح بسبب إخفاق لبنان في تطبيق إصلاحات. ولابد أن تحظى أي حكومة جديدة بدعم الطوائف المسيحية والمسلمة الرئيسية في البلاد وأن تتسق مع نظام المحاصصة الطائفية المتبع في لبنان لاقتسام السلطة.

وكانت فرنسا قد وضعت خارطة طريق مفصلة لإجراءات يجب اتخاذها للقضاء على الفساد المستشري في الدولة ومواجهة مشكلات أخرى شلت القطاع المصرفي وتسببت في انهيار قيمة العملة.

العقوبات الأمريكية

وقالت مصادر سياسية إن بري شدد موقفه من الحكومة الجديدة بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات الأسبوع الماضي على حلفاء من حزب الله الذي تعتبره واشنطن جماعة إرهابية في حين تقول باريس إن له دورا سياسيا مشروعا.

ووعدت القيادة اللبنانية ماكرون عندما زار بيروت في الأول من سبتمبر/أيلول بتشكيل حكومة اختصاصيين دون ولاءات حزبية في غضون أسبوعين تقريبا لإنهاء أزمة اقتصادية طاحنة تفاقمت بعد انفجار ضخم في مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس/آب.

هذا، وذكر مصدر رسمي أن من المتوقع أن يعرض رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب خطته لتشكيل الحكومة على الرئيس ميشال عون الاثنين، في مسعى لتسريع العملية التي عادة ما تستغرق شهورا بسبب الخلافات على تسمية الوزراء.

فرانس24/ رويترز

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

فرنجية: العقوبات استهداف سياسي.. ولن نتراجع


شكّلت العقوبات الأميركية في حق الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، إشارة واضحة الى انّ واشنطن انتقلت في معركتها ضدّ «حزب الله» إلى التصويب المباشر على حلفائه واصدقائه في البيئتين المسيحية والشيعية، سعياً الى إطباق الحصار عليه وتجفيف «ينابيعه السياسية». فكيف يعلّق رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على هذا التطور، الذي أصابت شظاياه احد قياديي «المردة»؟

لعلّ واشنطن تفترض انّ إدراج شخصيات من خارج الإطار التنظيمي لـ»حزب الله»، على لائحة العقوبات، سيؤدي شيئاً فشيئاً الى إحداث شرخ بينه وبين حلفائه واصدقائه، الذين لا يملكون قدرته على تحمّل العقوبات والتكيّف معها.

والأرجح، انّ «العاصفة الأميركية» ستهبّ لاحقاً على شخصيات أخرى، في إطار محاولة «القضم» المتدرّج للمساحات الداخلية التي «تحتضن» الحزب، وسط قلق في بعض الاوساط من ان يترك السلوك الأميركي انعكاسات على زخم المبادرة الفرنسية التي تستند اساساً الى «استراتيجية الاحتواء».

«مش مستحيين»

يقول رئيس» المردة» سليمان فرنجية لـ «الجمهورية»، انّه «طالما انّ الاميركيين عاقبونا بتهمة اننا نساعد المقاومة سياسياً، فهذا امر لا يحرجنا، ونحن «مش مستحيين» بتأييدنا السياسي للمقاومة، بل نفتخر بهذا الموقف الثابت».

ويعتبر فرنجية، انّ العقوبات الأميركية في حق فنيانوس تنطوي على استهداف سياسي مباشر، «وفي رأيي، انّهم اتخذوا قرار العقوبات ثم راحوا يبحثون عن الاسباب لتبريرها».

قصة المتعهدين

ويشير فرنجية الى «انّ الذرائع التي استند اليها القرار الأميركي هي واهية وهزيلة»، موضحاً «انّ المتعهدين يتعاونون مع وزارة الأشغال منذ عشرات السنين، فلماذا استفاقت واشنطن عليهم الآن؟». ويلفت الى «انّ هناك انتماءات او اتجاهات سياسية لمعظم المتعهدين في لبنان بحكم الواقع الداخلي المعروف، والوزير فنيانوس لزّم مشاريع بموجب مناقصات الى متعهدين من بشري لديهم لون «قوّاتي»، وآخرين من الجبل لديهم لون «اشتراكي»، وكذلك أعطى تلزيمات لمقربين من «تيار المستقبل»، ولاشخاص يحملون الصبغة العونية تولّوا تنفيذ مشاريع في مناطق مسيحية».

ويضيف: «ضمن السياق نفسه، من الطبيعي ان يكون معظم المتعهّدين في الجنوب وبعلبك- الهرمل مؤيّدين او منتمين الى «حزب الله» وحركة «امل»، وبالتالي، فإنّ تلزيمهم مشاريع لا يشكّل دعماً للحزب في حدّ ذاته، علماً اننا، وكما أكّدت، لا نخجل من وقوفنا في السياسة والخيارات الاستراتيجية الى جانب المقاومة».

ويتابع فرنجية مبتسماً: «بعد شوي، يمكن الحراك يصير عندو متعهدين كمان..». ويشدّد على أنّ «مزاعم الفساد التي تضمنها القرار الأميركي ليست سوى غطاء ركيك لمضمون سياسي واضح، ومحاولة للتمويه على حقيقة انّ العقوبات صدرت في حق فنيانوس بسبب انتمائه السياسي بالدرجة الأولى».

«تفنيصة» التسريب

اما في ما خصّ الاتهام الأميركي لفنيانوس بأنّه سرّب معلومات تتعلق بالمحكمة الدولية الى «حزب الله»، فإنّ فرنجية يلفت الى انّ فنيانوس كان محامي احد الضباط الأربعة، وبالتالي يحق له في إطار الدفاع عن موكله ان يطلع على مستندات او ان يلاحق ثغرة في الملف.

ويتساءل فرنجية: «هل «حزب الله» في حاجة اصلاً الى فنيانوس ليحصل على معلومة تتعلق بالمحكمة الدولية.. هذه تفنيصة».

«تحالفنا صلب»

وعمّا اذا كانت العقوبات ستدفع تيار «المردة» الى مراجعة حساباته، يؤكّد فرنجية انّ «إقتناعنا بالمقاومة وبالتحالف معها هو إقتناع صلب لا يغيّر فيه شيء، بل انّ هذا الضغط علينا يزيدنا تمسّكاً بموقفنا، ولن نتراجع»، مشيراً الى انّه «اذا كان الهدف من العقوبات ابعادنا عن المقاومة لتضييق الخناق عليها، فإنّ هذه السياسة لن تحقق الغرض منها، بل ستفضي الى مفعول عكسي».

«وين بعد في حسابات»

وعن مفاعيل العقوبات التي ستؤدي الى إقفال الحسابات المصرفية لفنيانوس، وربما لقريبين منه ايضاً، يجيب فرنجية ضاحكاً: «ليش وين بعد في حسابات بالبنوك اصلاً عقب الانهيار المالي الذي وقع.. لقد وصل الأميركيون متأخّرين».

وعمّا اذا كانت العقوبات الأميركية المستجدة ستؤثر على المبادرة الفرنسية ومسعى تشكيل الحكومة، يستبعد فرنجية مثل هذا التأثير، لكنه يلفت الى انّه يتفرج من بعيد على الطبخة، «وعندما يستشيروننا، نعطي رأينا»، موضحاً «انّ دخولنا الى الحكومة من عدمه يتوقفان على طبيعة تركيبتها».

الحكومة المطلوبة

ويوضح فرنجية، انّه يعارض تشكيل حكومة اللون الواحد، «اما المستقلون والحياديون فليسوا موجودين اساساً»، مشدّداً على «أنّ المطلوب حكومة فعّالة تضمّ وزراء فعّالين، يكونون قادرين على تحقيق الانجازات والفارق في الوزارات التي سيتسلمونها». ويعتبر «انّ نجاح الحكومة لا يتوقف فقط على اشخاصها وإنما قبل كل شيء على وجود قرار سياسي بإنجاحها عند القوى التي ستغطيها».

بعد خليل وفنيانوس... من التالي على لائحة العقوبات الأميركيّة؟


خاص موقع Mtv

توحي العقوبات الأميركيّة التي صدرت أمس بحقّ شخصيّتين سياسيّتين بارزتين بأنّ مرحلة الجدّ الأميركيّة بدأت فعلاً.

سبق العقوبات التي صدرت بحقّ علي حسن خليل ويوسف فنيانوس تلويح أميركي، على شكل تسريبات غالباً، بعقوبات تشمل شخصيّات مقرّبة من حزب الله. حتى أنّ اسمَي خليل وفنيانوس سُرّبا سابقاً مع أسماء أخرى. لكنّ التسريب شيء وصدور العقوبات، مع تعليلاتها، أمر آخر.

ويبدو جليّاً أنّ مسلسل العقوبات لن يتوقّف عند هذا الحدّ. يقول مصدر في وزارة الخارجية الاميركية للـ mtv إنّ "هذه البداية والعقوبات ستشمل أكبر رموز الفساد ومؤيدي حزب الله في لبنان".

لا ينتهي كلام المصدر هنا. الأهمّ هو الآتي: "الاسابيع المقبلة ستكون صادمة للشارع اللبناني".

واللافت في هذه العقوبات هو توقيتها. فهي تتزامن مع ملفّين مهمّين هما تشكيل الحكومة اللبنانيّة، التي يؤدي خليل وفنيانوس دوراً في كواليس تأليفها، ورسم الحدود البحريّة، ومفتاحه الأساس بيد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي شملت العقوبات أكثر السياسيّين التصاقاً به.

من هذا المنطلق، تجدر قراءة ما قاله مساعد وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر الذي لفت الى أنّ "خليل وفنيانوس كانا منخرطين في عمليات فساد تسمح بعمل حزب الله في لبنان، والعقوبات هي رسالة إلى الحزب وحلفائه بأنّه حان وقت سياسة أخرى في لبنان". علماً أنّ شينكر نفسه كان لمّح الى هذه العقوبات في لقائه مع سياسيّين لبنانيّين معارضين قبل أسبوع، وهو عائد بعد أسابيع قليلة الى لبنان لبتّ موضوع ترسيم الحدود البحريّة.

يبقى أنّ السؤال الأهمّ الذي لا بدّ أن يطرح نفسه هو: Who's Next على لائحة العقوبات الأميركيّة؟

الجمعة، 4 سبتمبر 2020

الدكتور مصطفى الحلوة يعد البيان الختامي لورشة تفكير ونقاش في موضوع: انفجار مرفأ بيروت: تداعيات بنيويّة وتحوّلات بحجم وطن


مواكَبَةً لقضايا ذات بُعدٍ راهني ومضاعفاتٍ ممتدّة، أقام "مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية"، بالتعاون مع مؤسسة ( Hanns Seidel Stiftung) الألمانية، ورشة تفكير ونقاش، يومَي 28 و29 آب 2020، بعنوان: "انفجار مرفأ بيروت: تداعيات بنيوية وتحوّلات بحجم وطن".

إلى الجلسة الافتتاحية، التي تكلّم فيها رئيس "مركز تموز" د. أدونيس العكره، والسيدة عُلا الشريدي، ممثِّلةً "هانز زايدل"، كانت ست جلسات، تمت فيها مقاربة هذا الحدث المزلزل على الصُعُد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، إلى التداعيات النفسية والتربوية والصحية والبيئية والتراثية والسياحية، ناهيك عن التحولات البنيوية، دستورياً وسياسياً. وكان تسليطٌ للضوء على دور الجيش اللبناني والدفاع المدني إغاثياً، وعلى دور المجتمع المدني وسائر الأطر الإغاثية والإعلام في مواجهة الحدث. وقد تميَّز الحضور بمشاركة واسعة لطلبة دراسات عُليا من مختلف جامعات لبنان، كما لممثلي هيئات فاعلة في المجتمع ا لمدني، ومهتمين. ولقد خلصت أعمال الورشة إلى الرؤى والتوصيات الآتية:


أولاً- في الرؤى/ خلفياتٍ وأبعاداً:

أ- إن تفجير مرفأ بيروت، بفظاعتِهِ وهولِهِ، إذْ أحال عاصمتنا إلى مدينة منكوبة، شكَّل حدثاً مفصلياً وجودياً في مسار لبنان، لم تُقتصر أضراره على البقعة الواسعة التي شملها، بل شمل لبنان من أقصاه إلى أقصاه. وبهذا فإن ما بعد 4 آب 2020 لن يكون كما قبله، على جميع المستويات.

ب- إن هذه الكارثة، غير المسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، شفّت عن منظومة حاكمة، غارقةٍ في الفساد والإفساد، مُدمنةٍ على الإهمال الذي يَرقى إلى حدّ الجريمة. كما شفّت عن انتفاء المساءلة والمحاسبة العامة واعتماد السياسات الخاطئة، مما أفضى إلى دولة هشّة ومؤسسات عاجزة وقرار ضائع!

ج- إن من كُتب لهم الموت، في هذه الكارثة، وقد أربوا على المائتين، ليسوا بشهداء، بل هم ضحايا وإن كانوا يرتقون إلى مصاف الشهادة، لأنهم لم يختاروا مصيرهم المشؤوم بفعل إرادي.

د- إن هذا الانفجار/ الزلزال، الذي ما فتئت تردّداته تتكشّف، يوماً بعد يوم، عن مآسٍ مُتعدّدة الأوجه، يأتي في خضمّ أزمة طاحنةٍ، لا زال اللبنانيون في أتونها يُكابدون تداعياتها المتفاقمة: من تصدّع للدولة، مما أحالها دولة عاجزة ومُفلسة، إلى انهيارٍ مُريع ومتمادٍ للعملة اللبنانية، إلى نهبِ مدخرات اللبنانيين المالية وجنى عمرهم: مُقيمين ومغتربين، إلى جائحة كورونا التي تزيدُ البلاد شللاً على شلل، وانتهاءً بوضع اللبنانيين على شفا مجاعةٍ، تُعيدنا إلى زمن "سفر برلك!"، ولنجدنا في مواجهة أزمة مركَّبة مستعصية!

هـ- لقد انجلى المشهد الزلزالي عن ظاهرة التضامن العضوي بين اللبنانيين: مقيمين ومغتربين، عبر حملات إغاثة واسعة ومبادرات خيِّرة، منذ الساعات الأولى التي أعقبت الكارثة. وقد كانت مشاركةٌ من جميع مناطق لبنان، مما يؤسِّسُ لحركة وعي، تُوثِّق عُرى الوحدة الوطنية بين مكوِّنات الشعب برمته.

و- إن انفجار بيروت، وما سبقه من أزمات ، يعيشها اللبنانيون، منذ ثلاثة عقود، بل منذ الاستقلال، وما تنجلي عنه من احترابات دموية ومن موجات هجرات متمادية، يدعو إلى التفكير بإيجاد عقدٍ جديدٍ، يُحقِّقُ النهوض البنيوي، على المستويات الدستورية والسياسية والاجتماعية. وعلى أن يحظى هذا العقد العتيد بإجماع غالبية اللبنانيين الذين لم تعُدْ لديهم القدرة على احتمال المزيد من الآلام والعذابات.


ثانياً- في ا لتوصيات:

أ- في ظل تقاذف المسؤوليات بين الأجهزة العاملة في مرفأ بيروت، من مدنية وعسكرية، ينبغي إيجاد صيغة جديدة، بحيث تكون مرجعيةٌ جامعة، تُخرج هذا المرفق، الأكثر أهمية على الصعيد الاقتصادي، من صيغته الحالية كشركة إدارة واستثمار، بما هي إرث عثماني، عاصَرَ عهد الانتداب واستمر في العهد الاستقلالي وحتى تاريخه!

ب- إخراج "وحدة إدارة مخاطر الكوارث"، المنشأة في العام 2010، والتابعة لرئاسة مجلس الوزراء، من وضعها الصُوري فتغدو مؤسسة فاعلة، على غرار سائر بلاد العالم، مُشكِّلةً حمايةً استراتيجية للبلاد.

ج- تفعيل دور البلديات لمواجهة شتّى أنواع الأزمات والكوارث، والتشبيك مع المنظمات غير الحكومية، ومختلف الهيئات من المجتمع المدني، العاملة في المجال الإغاثي.

د- التنسيق في عمليات مسح الأضرار بين نقابة المهندسين والمديرية العامة للآثار، بما يخص الأبنية التراثية، التي ينبغي إعادتها إلى ما  كانت عليه، وبالمواصفات عينها، كونها جزءاً من التراث الثقافي المادي.

هـ- الإسراع في أعمال الترميم وإعادة البناء، بما يحفظ نسيج المنطقة المنكوبة ويقطع الطريق على تغيير ديموغرافي، وفي ذلك ضمانة للعيش الوطني الواحد. وفي مقاربة الأثر الاجتماعي للكارثة ، لا بُدَّ من إعادة الحياة الاجتماعية البيروتية، من حيث مشهدياتها والسلوكات اليومية والذاكرة الجمعية، من منطلق تداخل عناصر الثقافة والموروثين العمراني والشعبي.

و- مع الحرص على حرية الإعلام وتنوّع منابره، ينبغي مجانبة تحوله إلى بروباغندا، فيلتزم أخلاقيات المهنة والقوانين المرعية الإجراء، وبما يُعزِّز من ظاهرة التضامن العضوي بين اللبنانيين. وفي هذا المجال لا بُدّ  من سَعي حثيث، بالتعاون مع وزارة الإعلام، لإيجاد "هيئة ناظمة للإعلام".

ز- بإزاء التحديات النفسية، التي فرضها الانفجار، لا بد من اعتماد برامج تربوية خاصة، في المدارس والجامعات، لمعالجة التداعيات النفسية التي يُعاني منها الأولاد والشباب ( ما يربو على مائة ألف). مع ما يستلزم ذلك من تدريب عددٍ من المعالجين النفسيين وأفراد الهيئات ا لتعليمية (في القطاعين الرسمي والخاص)، نظراً لعدم كفاية عدد العاملين في مجال الصحة النفسية.


ح- مع التنويه بالدور الإغاثي، الذي أدّاه المجتمع المدني، بمختلف تشكيلاتِهِ، فإن المطلوب أن لا يُحجِّم وظيفته الأساسية، المتمحورة حول المساءلة والمحاسبة والمناصرة.

ط- الدعوة إلى التلاقي بين هيئات ا لمجتمع المدني وبعض القوى السياسية، بهدف زيادة منسوب البُعد المدني لدى هذه القوى، مما يُشكِّلُ خطوة أساسية نحو التغيير. وفي هذا ا لمجال، ثمة دورٌ لـ"مركز تموز" يستطيع تأديته، من مُنطلق الصُدقية التي يحظى بها لدى مختلف الأفرقاء .

ي- لا خيار أمام اللبنانيين، بما يخصُّ نظامهم السياسي، إلاّ واحد من اثنين: إما بناء دولة علمانية على قاعدة المواطنة، وإما تنظيم الطائفية بشجاعة وعدالة ووضوح، بحيث يتم الحفاظ على ما احتواه "الطائف" من خير عام، وتوسيع الآفاق المدنية في النظام أكثر وبالتدرّج، مع تطويره ومعالجة مكامن الخلل فيه، فيغدو نظام عمل لا تعطيل، ونظام تشارك لا تشابك.

ك- تثمين الدور الذي قامت به مختلف التشكيلات الإغاثية، في القطاعين الرسمي والخاص: من الصليب الأحمر اللبناني، إلى الدفاع المدني، إلى كاريتاس، إلى سائر هيئات المجتمع المدني والأهلي، وسوى ذلك من مؤسسات، كانت لها أيادٍ بيض في مواجهة الكارثة.

ل- الإشادة بدور إطفائية بيروت، والترحُّم على شهدائها العشرة، الذين ارتقوا من مرتبة الضحايا إلى مرتبة الشهداء.

م- التوجُّه بالتحية والشكر إلى الجيش اللبناني، قيادةً وضباطاً ورتباء وأفراداً، الذي لطالما شكّل الضمانة الوطنية، في كل المحطات المفصلية للبلاد، مثمِّنين دوره الفعّال في معالجة ذيول هذه الكارثة، بعزمٍ وبصُدقية عالية.

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

التاريخ ان حكى: مجد لبنان مصان "ترايد مارك = Trade من صرح بكركي لبنان


المقدمة
بعد ان حولوا دولة لبنان الكبير الى دولة لبنان الفقير والتعتير... انتفض البطريرك الراعي من الصرح البطريركي الذي "مجد لبنان اعطي له" انتفض من أجل الاستقلال، من اجل ارض لبنان،  من أجل لقمة عيش وخبز الشعب اللبناني، من أجل سيادة وحرية  لبنان الكبير، انتفض الراعي مناديا "لبنان الحياد" فانتفض معه وليد عبود منMTV "يا ارزة لبنان تضرعي لراعينا من أجل لبنان الكبير ومن أجلنا". وانتفض مع البطريرك طائفة من الصحافيين سنذكرهم على التوالي في هذا المقال.
من لبنان المغترب من استراليا بالتحديد نادت كاتبة هذا المقال "يا سامعين الصوت: لبنان لنا ولبنينا بعدنا، يا رب احفظه  وباركه إرثا مقدسا "موحدا مسالما مستقلا" على اسم الثالوث المقدس "الآب والابن والروح القدس" فهلا سمعتم صوت النداء؟؟؟ توحدوا، تكاتفوا، ساعدوا، لبوا النداء وصلوا فالله سميع الدعاء".

من إعداد الاخت د. تيريزا حرب

مثلث الرحمات البطريرك صفير.

نادى الإعلامي وليد عبود عبر تلفزيون MTV عندما عبر البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الى الحياة الثانية قائلاً:

 "أيها ‏اللبنانيون إنه يوم دامع في تاريخ لبنان. غاب البطريرك السادس والسبعون بالجسد وارتقى بالروح. ‏صحيح أننا تجرّعنا في لبنان ومحطة ‏MTV‏ كأس رحيله على دفعات وعلى أيام وعلى ساعات، مع ‏ذلك لا يزال وقع الرحيل قاسياً علينا لأن الراحل شامخ في وجداننا كأرزة ومنغرز في أعماقنا ‏كأيقونة تصلي.‏

أيها اللبنانيون، في التاريخ اللبناني الحديث، بطركان استثنائيان، الأول البطريرك الياس الحويك ‏الذي حقق لبنان الكبير، والثاني نصرالله صفير الذي استعاد لبنان الكبير من سجّانيه بعدما أدخلوه ‏معتقل الوصاية وزنزانة الاحتلال.‏

اليوم، البطريرك صفير استقال من مهماته على الأرض، وصار شعاعاً من ضوء السماء، كأنه ‏بعدما دخل التاريخ وصار في وجدان المستقبل والآتي من الأيام، قرر أن يرتاح من تفاصيل الدنيا ‏ومن يومياتها المملة المستعادة. فما أجمل الكبار حين يرتاحون، وما أروع العظام حين ينكفئون. ‏الكبار والعظام فقط يعرفون متى وكيف ولماذا يتجردون من الحاضر ليصبحوا ملك التاريخ ووديعة ‏المستقبل ليصبحوا صوتاً صارخاً في ملكوت الله.

مع ذلك، اسمح لنا يا سيدنا أن نتجرأ عليك وعلى تواضعك وعلى رحيلك، لنقول لك باسم شعبك ‏وباسم المحطة، إننا لا نتخيل لبنان وأنت لست فيه، تستمع وتصغي، تفهم وتتفهم، تحزن مع ‏الحزينين وتفرح مع الفرحين. كما لا نتخيل كنيستنا المقدسة من دونك لتحدد فيها الصواب من ‏الخطأ، الخير من الشر، ولتحدد الطريق إلى الحرية والكرامة، إلى الحق". 

**


وطن في بطريرك

وكتب طوني رحمة:

من النادر في تاريخ الاوطان والأمم ان يتبادر الى ذاكرة القارئ ذكرى رجل يلخّص بسيرته تاريخ مخاض من ثم ولادة وطن كما تفعل في الذاكرة سيرة البطريرك الحويّك.

ولد البطريرك الحويك في 23 كانون الأول 1843 في بلدة حلتا البترونية. وانتقل لاحقا ليدرس اللاهوت في روما حيث ارتسم كاهنا العام 1870 من ثم عاد الى لبنان. والعام 1872 تمّ تعيينه امين سر البطريركية المارونية. ارسله البطريرك الحاج لاحقا الى روما طلبًا لدرع التثبيت وليشرف على ترميم وإعادة افتتاح المدرسة المارونية فيها التي دمرها نابليون الأول. وبعدها قام بعدة زيارات الى اوروبا حيث وطد علاقات صداقة ومودة مع عدة دول وشخصيات سياسية كان لها اثر فعّال لاحقا.

بعد وفاة البطريرك الحاج قفل الحويّك عائدا الى بكركي. وفي اليوم التالي انعقدت الخلوة الانتخابية، التي كانت تتم حينذاك بالقرعة (وليس بالانتخاب وفق النظام الجديد للكنائس الكاثوليكية الشرقية وذلك استيحاءً من سفر أعمال الرسل). واستقرت القرعة على إلياس الحويك، فغدا بذلك البطريرك الماروني، واحتفل برتبة تنصيبه في الأحد الأول التالي اي في يوم 9 كانون الثاني 1899.

وكلّنا نعرف الانجازات البطولية التي أدّاها في قيادة شعبه خلال فترة الغاء امتيازات متصرفية جبل لبنان والحكم العثماني المباشر من قِبَل السفّاح جمال باشا الذي تعمّد حصارا سياسيا واقتصادياً ادى الى موت ثلث اللبنانيين جوعاً وكانت لتكون النتائج أكثر مأساوية لولا حكمة وسهر البطريرك الحويّك الذي حوّل بكركي الى مركز لتوزيع الطعام على الحشود من دون تمييز بين مختلف الطوائف، إذ كان يردد: “أنا بطريرك الموارنة ولي طائفة واحدة هي طائفة لبنان”.

حاول جمال باشا لاحقاً الضغط على البطريرك فقابله ثلاث مرّات محاولاً نفيه الى الخارج، وحين فشل بذلك فرض عليه مرتين اقامة جبرية، مرّة في بحمدون وأُخرى في قرنة شهوان.

وبعد خروج العثمانيين من مناطق سوريا لبنان وفلسطين.... رفع علم فرنسا بعد احتلال جيوشها للساحل الشرقي للبحر المتوسط.

لم تكن فرنسا بداية متحمّسة لاستقلال لبنان وكيانيته الخاصة فحاولت عن طريق مراسلات بين بكركي وجورج بيكو إقناع البطريرك بإيجابيات الوحدة مع سوريا، لكن الأخير كان حازما بإصراره على استقلال لبنان وكان يردد: ان نموت في ظل صخورنا خير لنا من الانضمام لهذه الوحدة.

وبعد ذلك،  بنتيجة التفاف اللبنانيين (مسلمون ومسيحيون) حول البطريرك، سافر الحويك الى باريس على رأس وفد لحضور مؤتمر الصلح الثاني وحدّد خلاله طلبه باستقلال لبنان. الأمر الذي حدا بملك المملكة العربية السورية فيصل إلى الاذعان والقبول باستقلال لبنان بموجب اتفاق فيصل- كليمنصو المؤرخ في 6 كانون الثاني 1920. وخلال الفترة ذاتها احتلت الجيوش الفرنسية بناء لرغبة البطريرك كلّاً من بعلبك وراشيا وحاصبيا والبقاع الغربي التي كانت تابعة آنذاك لولاية دمشق وضمّتها الى لبنان. وفي 28 حزيران 1920 سقط الحكم الفيصلي في دمشق.

وبعدها بشهرين اي في 31 آب 1920، أعلن هنري غورو من قصر الصنوبر في بيروت ولادة لبنان الكبير بحدوده الحالية، وذلك بحضور البطريرك الحويّك ومفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، لتتحقق رغبته على كيانية واستقلال لبنان بلدا للتعايش وليكون رسالة أكبر من حدود مجرّد وطن كما وصفها البابا يوحنا بولس الثاني.

تكلل عطر إيجابيات البطريرك حويك، بما أعلنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من بكركي المجيدة ذاتها، ان “قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس قرر تثبيت عيش بطولة الفضائل من البطريرك مار الياس بطرس الحويك وأعلنه مكرماً على مذابح الكنيسة الكاثوليكية.

 


إلياس الحويك البطريرك صانع لبنان

 جمهورية المئة عام

وكتب طوني فرنسيس.

اللبنانيون يستعيدون الروح التي قادت الآباء المؤسسين في التمسك بوطنهم وتثبيت ركائزه  (رويترز).

بعد مئة عام على قيام دولة لبنان الكبير، التي ستصبح الجمهورية اللبنانية بعد وَضْعِ دستورها عام 1926، يلحُ سؤال لا مفر منه؛ هل أن الدولة اللبنانية التي قامت قبل مئة عام بمساهمة نشيطة من رجل دين هو رأس الطائفة المارونية البطريرك إلياس الحويك، ستؤول إلى الزوال بمساهمة مُعاكسة من حزب "ديني" يعتبر أن مهمته نشر سلطة الولي الفقيه في "جمهورية إسلامية عالمية" ليس لبنان إلا جزءاً صغيراً منها؟.

المحاولة جارية من دون شك. ولبنان الذي عرفه العالم بلداً، مختبراً للعيش المشترك، يكاد يغرق في صراعات المذاهب والأديان، في انعكاس صريح لمحاولة التمدد الفارسي الإيراني بالمنطقة العربية، عبر استغلال الحضور الشيعي العربي في لبنان، وتطويع طائفة لبنانية رئيسة في خدمة طموحات نظام الملالي بطهران.

إلا أن مهمة من هذا النوع دونها صعوبات تجعل إنجازها مستحيلاً. فقيام لبنان الكبير ثم الجمهورية لم يكن صدفة، أو مجرد منحة فرنسية، ولا فبركة لسياسة فرنسا الخارجية كما قال الجنرال كاترو في وقت لاحق. لقد قام هذا البلد لأن لاستقلاله جذوراً ضاربة في التاريخ، ولأنه توفرت له في اللحظة التاريخية المناسبة قيادة وطنية تمكنت من ترجمة الظروف الملائمة في تحقيق حلم الدولة المستقلة.

كان قيام لبنان بحدوده الراهنة نقيضاً للمشروع الاستعماري الفرنسي الأصلي المستند إلى اتفاقية سايكس- بيكو. فقد منحت تلك الاتفاقية فرنسا حق السيطرة على سوريا ولبنان ككيان واحد من تركة السلطنة العثمانية، وما كانت فرنسا تُفكر في قيام دولتين في سوريا ولبنان، فإما هيمنة كاملة على هذا الجزء من الشرق العربي، وإما تجزئته إلى دويلات ذات طابع مذهبي مناطقي كما حاول الجنرال غورو فعله في سوريا بعد إعلان دولة لبنان الكبير.

إلا أن تجربة جبل لبنان والاستقلال الذاتي الذي مارسه في ظل نظام المتصرفية ابتداء من 1861، وقبل ذلك في نظام الإمارة ابتداء من 1517، جعلت نخباً لبنانية تلح منذ ما قبل انهيار العثمانيين وفور هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى على نيل الاستقلال التام للبنان "في حدوده التاريخية". وتحقق ذلك في الأول من سبتمبر (أيلول) 1920، بعد معركة ميسلون ببضعة أسابيع حيث ثبت لفرنسا استحالة الهيمنة على "سوريا الكبرى" موحدة، وعدم قدرتها على تجنب الإلحاح اللبناني على الدولة المستقلة.

الحويّك صانع لبنان الكبير

لم يكن البطريرك الماروني إلياس الحويك بعيداً عن مجريات الأحداث العاصفة مطلع القرن الماضي، فهو الرئيس الـ72 لكنيسة ممتدة منذ القرن السابع ميلادي. وهو خليفة يوحنا مارون البطريرك الأول (686 م)، جاره الذي بنى مقراً لبطريركيته في قرية مجاورة للقرية التي ولد فيها الحويك. وفي هذا المقر الذي تحول ديراً ومدرسة بعد المجمع اللبناني الماروني في 1736 سيتلقى الحويك علومه الأولى، قادماً عبر الوديان والجبال سيراً على قدميه من منزل والديه في حلتا إلى دير كفرحي ناحية البترون شمال لبنان.

**


 ١ ايلول ١٩٢٠ اعلان دولة لبنان الكبير

منذ ١٠٠ عام بالتمام والكمال جلس البطريرك الياس الحويك عن يمين المندوب السامي الفرنسي.

لم يكن الحويك سليل عائلة إقطاعية، بل هو ابن عائلة فقيرة، كافح واجتهد وترقى في مراتب كنيسته لينتخب رأساً لها عام (1899). ونجح خلال خدمته في إعادة إحياء المدرسة المارونية في روما، ما أتاح له بناء علاقات راسخة مع القيادات الفرنسية منذ نهاية القرن التاسع عشر سيستفيد منها لاحقاً في حملته من أجل الاستقلال.

على أن التجربة القاسية والحاسمة هي تلك التي عاشها الحويك خلال الحرب العالمية الأولى، وهي التي دفعته بحسم إلى التمسك بإيجاد وطن نهائي مستقل للبنانيين بمختلف طوائفهم. ففي تلك الحرب ألغى العثمانيون نظام المتصرفية في جبل لبنان وقضوا على الاستقلال النسبي الذي كان يعيشه، ووجد البطريرك نفسه في مواجهة مباشرة مع الحاكم التركي جمال باشا، حاملاً مسؤولية إغاثة مئات الألوف من أبناء الجبل الذين أصابتهم المجاعة.

قاوم البطريرك محاولات الأتراك تطويع بكركي؛ مقر البطاركة الموارنة، وواجه جمال باشا الذي فرض عليه الإقامة الجبرية في بحمدون خارج كنيسته، واحتقر السياسيين المتلونين الذين تقربوا من السيد العثماني، وردد على مسامعهم ما سيردده البطريرك صفير في مواجهته للنظام السوري بعد تسعين عاماً:

بكركي من عركة لعركة

لا نورا ولا زيتا شحّ

كلن عم يحكو تركي

إلا بكركي بتحكي صح.

والصح كان المطالبة بالاستقلال. واستند الحويك إلى تراث وتجارب سابقة تبلورت في زمن المتصرفية وتكرست في أعمال وكتابات رواد النهضة العربية من اللبنانيين.

وقبل أن يشارك في مؤتمر الصلح في باريس أغسطس (آب) 1918، حيث لقب بـ"بطريرك لبنان"، كان استقبل في يونيو (حزيران) لجنة كينغ- كراين التي قدمت توصياتها باستقلال لبنان، وحصل في العاصمة الفرنسية على وعد من رئيس الوزراء جورج كليمنصو بالاستقلال، قبل أن ينص اتفاق كليمنصو – فيصل؛ ملك سوريا العربية على هذا الاستقلال في 6 يناير (كانون الثاني) 1920.

سبق ذلك حراك شعبي وقيادي استمد منه البطريرك دعماً وعزيمةً. ففي 9 ديسمبر (كانون الأول) 1918 أعلن مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان المنحلّ بقرار تركي، استقلال لبنان "في حدوده التاريخية والجغرافية"، وقرر إرسال وفد إلى مؤتمر الصلح العام ضم ممثلين عن مختلف الطوائف؛ داوود عمون ومحمود جنبلاط وعبد الله الخوري وآميل اده وإبراهيم أبو خاطر وعبد الحليم الحجار وتامر حمادة، للمطالبة بالتالي:

١- توسيع نطاق جبل لبنان إلى ما كان معروفاً به من التخوم تاريخياً.

٢- تأييد استقلال هذا البلد.

٣- يكون لهذه البلاد اللبنانية مجلس نيابي على مبدأ التمثيل النسبي حفظاً لحقوق الأقلية.

تتويج لا انفراد

توجّت مساعي الحويك بشخصيته الفذة والمُهابة، وهو في السابعة والسبعين من عمره، رغبة أبناء لبنان في استرجاع بلدهم نهائياً. لم يقبل إلحاقاً أو التحاقًا، بل دعا إلى علاقات احترام وود مع العرب الآخرين وراهن على صمود اللبنانيين وقدرتهم على البقاء بعد مجاعة واستعباد قاد كنيسته في مواجهتهما، واقترح نظاماً جمهورياً انتخابياً يحفظ حقوق الأقليات قبل مئة سنة، في تجربة مميزة ستثير حنق إسرائيل بعد ثلاثة عقود، وستحاول مشروعات الهيمنة الإيرانية اليوم نسفها والقضاء عليها.

نجح البطريرك الذي "مجد لبنان أُعطي له". وفي الأول من سبتمبر (أيلول) شهد في مقر القيادة الفرنسية؛ قصر الصنوبر في بيروت، إعلان القائد الفرنسي هنري غورو، وإلى جانبه مفتي المسلمين والشخصيات البارزة، إعلان دولة لبنان الكبير الذي سيصبح الجمهورية اللبنانية بعد ست سنوات بحدودها الراهنة. وبقي الحويك طوال سني عمره المتبقية، (توفي في 1913)، متابعاً بحرص إنجاح الوطن الذي كان أبرز صانعيه.

من ينسف معنى لبنان؟

مر لبنان بصعوبات كثيرة منذ قيامته الحديثة. لكن المشكلة التي يعانيها اليوم هي الأكبر. فتحالف الفساد والميليشيا يهدد الدولة والكيان معاً. الدولة يتآكلها الهدر والسرقة والكيان يتعرض لأكبر تحدٍ بالقضم والاستتباع على يد ميليشيا مذهبية تأتمر بالخارج. وهذا ما يجعل إحياء مئوية قيام البلد مناسبة غير تقليدية. لقد فهم الفرنسيون ذلك، ورئيسهم سيكون حاضراً لتجديد الوعد في ظروف مختلفة تماماً عن نهاية الحرب العالمية الأولى، ويبقى أن يستعيد اللبنانيون الروح التي قادت الآباء المؤسسين وعلى رأسهم إلياس الحويك في التمسك بوطنهم وتثبيت ركائزه.

هذه بعض المقالات والاستشهادات التي اخترتها لكم احتفالا بإعلان لبنان الكبير، راجية من الله تعالى أن يحمي لبنان لشعب لبنان على أرضه وفي مغترباته، وكل مئوية وانتم بألف خير.


د. مصطفى الحلوة: عشية تطويب البطريرك الياس الحويك..إنسانٌ يستحق التقديس، وجمعية من "صُنع يمينِهِ" تتشامخُ عَبْرَ الزمن

 
أعادت صحيفة النهار في ارشيفها الالكتروني نشر هذا المقال (1أيلول 2020)،وكانت قد نشرته لي في العام 2014.. وكم هو هامٌ استعادة المقال في الذكرى المئوية الاولى لتأسيس الكيان اللبناني بمسعى حثيث من المثلث الرحمات غبطة البطريرك الياس الحويك.

عشية تطويب المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك، لا بد أن نستعيد يوماً مشهوداً جرت وقائعُهُ في مدرسة مار مارون(طرابلس)، وهي إحدى مدارس "جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات".

ففي السادس عشر من كانون أول 1994، وفي إطار فعاليات المئوية الأولى لتأسيس "الجمعية"، عُقدت ندوة حول مؤسِّسها، قُدِّمت فيها مداخلتان: الأولى للأخت جورج ماري عازار (من راهبات العائلة) ، تناولت فيها البطريرك الإنسان والبطريرك المؤسس، والثانية للأستاذ والشاعر باخوس عساف، وقد سلّط الضوء فيها على دوره الوطني.

أ


جل! كان يوماً مشهوداً احتشدت له فاعليات المدينة برمتها. وقد كان لي أن أمهِّد للندوة، فكانت مطالعةٌ  أوحت إليَّ بها طرابلس التي كانت ولما تزلْ تدعو إلى كلمة سواء، ذلك أن دينَها هو الوطن، ومذهبها هو الوطن!

وإذْ أستعيدُ بعضاً من هذه المطالعة، فقد قلت: "... ليس عبثاً ولا من قبيل الصُدف أن ننتدي اليوم في طرابلس الفيحاء حول مؤسس "الجمعية"، رجلِ العناية والابن البار لهذه المنطقة المثلث الرحمات البطريرك الياس الحويك. فطرابلس هي مدينة العيش الوطني الواحد، بل هي الأتون الذي تنصهرُ فيه الإرادة الوطنية الجامعة... وأن ننتدي حول الحويك، فذلك يعني استحضاراً  لتاريخ رجل كبير لعب دوراً بارزاً في تشكّل الكيان اللبناني، أيام الانتداب الفرنسي. كما كان له دور نشيطٌ، أواخر العهد العثماني".


... وإذْ خُتِم أمسِ التحقيق الأبرشي في دعوى تقديسه، فقد حقّ للرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة، صاحبة الدعوى الأخت غبريال بوموسى أن تقول، وقولها هو فصلُ خطاب:"... من اطّلع عن كثب على تاريخ هذا الرجل الكبير الذي عرف أن يجمع في حياته بين العظمة والتواضع، بين العدالة والمحبة، بين الرهبة والحنان، بين الوقار والبساطة، يفرح للقرار الذي اتخذته "الجمعية" بتقديم طلب دعوى تقديس رجل الله، أبينا المؤسس". وكم هي رائعةٌ كلمة الأخت ماري أنطوانيت سعادة التي تتكامل مع كلمة الرئيسة العامة، حيث تقول:


" .. حان الوقت اليوم ليخرج خادم الله البطريرك الياس الحويك من صمتِهِ الخالد في السماء ويكلّم شعبه كلام الأب لبنيه، كما كان يفعل في حياته على الأرض" (راجع صحيفة النهار، 11/6/2014).

.. وإذْ أستكملُ مطالعتي في تلك الندوة، فإنني أرى اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، أن روح ذلك القديس العتيد تتململ في قبره، تتوجه إلى اللبنانيين جميعاً بصوتٍ مُجلجل، يوصيهم بحفظ الكيان الذي صنعه لهم، ويدعوهم إلى عدم التفريط به تحت أي عنوان، وَقْتَ تغلي المنطقة على إيقاعِ مَراجلِ التفتيت والتشظّي، وتنحدرُ سريعاً إلى هاوِياتٍ لا قرار لها!