ـ إعداد وتقديم شوقي مسلماني.
عقدت الجمعيّة الفلسفية الأردنيّة ندوة تحت عنوان "وجهان للمقاومة: جورج عبدالله وزياد الرحباني"، عرضتها قناة الفينيق الأردنيّة وحاضر فيها البرفسّور سعود قبيلات. وفي قسم الأسئلة والأجوبة، الغني أيضاً، سئل إذا كانت مواقف زياد الرحباني اليساري صحيحة في تأييده لحزب الله وسوريا، وكان جوابه كالآتي:
"موقف زياد بخصوص حزب الله هو مثل موقفنا وموقف الكثير من الموجودين في هذه القاعة، ذلك لا يعني الإتّفاق إيديولوجيّاً. نحن مع أي مقاومه ضدّ إسرائيل، ضدّ هذا العدو. وقفنا مع حماس مثالاً، مع كتائب عزّ الدين القسّام. وقفنا من دون تردّد مع عزّ الدين القسّام ضدّ العدو الإسرائيلي رغم اختلافنا بالمنطلقات الإيديولوجيّة. وهذا ما ينطبق على زياد الرحباني. زياد بالوقت اللي كان داعم قوي للمقاومة كان عنده نقد للمقاومة، حكى ذلك في التلفزيونات. كانت له ملاحظات. وهو انتقَد حزب الله وكان له عتب. وبالنسبة لسوريا أيضاً كان موقفه إيّاه موقفنا. نحنا كنّا شايفين المخاطر من وراء هذا الصراع الداير في سوريا واللي كنّا نحكيه وقاعد الآن يصير في سوريا، كنّا نقول: يا جماعة، ما يحصل في سوريا خطر على القضية الفلسطينية وخطر على الأردن وخطر على لبنان وخطر على العراق، الآن كلّ المنطقة مهدّدة، وهذا صار بسوريا. إسرائيل تمدّدت. سيطرت على جبل الشيخ كاملاً وهي تتمدّد، ويمكن ستصل للحدود العراقيّة. هل هذا اللّي كنّا نسعى إليه؟. هل القضيّة هي قضيّة مناكفة؟. هل القضيّة قضيّة ثارات؟. أنا دائماً أقدّر تقديراً عالياً موقف صديقنا الراحل مجلّي نصراوين اللّي انحبس 22 سنة في السجون السوريّة، ولمّا صارت هذه الحرب وقف الموقف المبدئي والشجاع. ما قعد وقال هدولي سجنوني وشو عملوا بي. بالنسبة له الأهم كانت سوريا، الأهم له سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين. الآن حماس تقاتل بغزّة، والآن الوحوش اللي في لبنان وخارج لبنان بدهم يتناهشوا حزب الله. يعني حزب الله في وضع صعب، وويله أنّه يمكن الجولاني يهجم من الشرق ومن الشمال والإسرائيليّون يهجموا من الجنوب، ويوجد في الداخل سمير جعجع، وهذا كان حليفاً لإسرائيل وما يزال، وتوجد الكتائب وغيرها، ويوجد أمثال نوّاف سلام رئيس الحكومة وغيره وغيره. وضعيّة حزب الله في لبنان سيّئة جداً. سابقاً كان له حليف سوري أو شبه حليف سوري، سواء يُعتمَد عليه أو لايعتمَد عليه، كان أقلّه مقفِلاً زاوية. الآن وضع الحزب صعب. أي إنسان عنده منطق وتفكير سليم يرى هذا الذي كنّا نقوله وها نحن قد وصلنا إليه. الآن وصلنا للأسوأ. أنا ما كنت أتخيّل، رغم أني كنت أتخيّل وضعاً سيّئاً سنصل إليه، بس ما كنت أتخيّل مثلاً انه سيصل الأمر إنّ الموساد في دمشق إلى جانب المخابرات التركيّة. طلال ناجي استدرجوه من القاهرة بواسطة أحدهم، ولن أسمّيه، وهو أحد القادة المحسوبين على حماس، ولكن هو من الجناح الآخر في حماس، استدرجوه وقالوا له أن يرجع إلى دمشق فما عليه شيء، رجع طلال ناجي إلى دمشق، وأوّل ما وصل اعتُقل، ووجد ذاته يحقّق معه الموساد الإسرائيلي في العاصمة دمشق، لماذا استدرجوه إلى دمشق؟، لأنّه لمّا سيطرت جماعة الجولاني على مراكز المخابرات السوريّة أخذوا كلّ الوثائق واكتشفوا أنّ جنديّاً إسرائيلياً كان قد قُتل ودُفِن في سوريا ويوجد إثنان فقط يعرفان أين هو مدفون، وهما علي دوبا، وهذا مات، وطلال ناجي. استقدموا طلال ناجي من القاهرة ليحقّق معه الموساد. ومع الأسف الرجل أخيراً دلّهم على المكان، فأخذوا جثّة الجندي واحتفل نتنياهو وعمل أنه حقّق إنتصاراً وأنّه بطل ومحقّق أمجاد لإسرائيل وقال ها أنا استرجعت الجندي الإسرائيلي من دمشق. ما كنت أتخيّل أن كلّ متعلّقات الجاسوس كوهين ووثائقه يتمّ تسليمها لإسرائيل ويحتفل نتنياهو أيضاً. ما كنت أتخيّل اللي سيأتي حاكماً أن يقول نحن وإسرائيل لنا أعداء مشتركون. هذا وضع كابوسي اللي وصلنا إليه. لذلك كان الموقف الذي وقفه زياد ووقفه آخرون، ونحن منهم، وكذلك أغلبيّة الموجودين في هذه القاعة، إذا مش كلّهم، هو الموقف الصحيح. المفروض على كلّ من أخذ موقفاً ممّا حصل في سوريا أن يقول إذا أخطأ أو إذا أصاب، إلاّ إذا هذا كان يريد مصلحة إسرائيل، يعني ما عنده مشكلة أن تهيمن إسرائيل على المنطقة، أما إذا كان ضد إسرائيل مثلنا يجب أن يقول أنّه كان مخطئاً بتأييد الذي حصل في سوريا، ما كان لازم يأخذ الموقف الذي اتّخذه. زملائي يعرفون أني في رابطة الكتّاب وفي اتحاد الكتّاب العرب طالما دافعت عن الحريّات وكتبت المقالات للإتّحاد عن الحريّات. كانت الإجتماعات كلّ 6 أشهر في عاصمة عربيّة. كانوا يكلّفوني لأكتب في موضوع الحريّات، كنت أصرّ على معالجة قضايا الحريّات في كلّ البلدان العربيّة بما فيها سوريا، وكنت أتمشكل أنا ورئيس اتحاد الكتّاب السوريين ورئيس إتّحاد الكتاب الليبيين والسودانيين، كنت أتمشكل معهم، وفي تونس صار بيني وبينهم مشادّة وقلت إذا لا تكتبون عن الحريات كما يجب سأفضحكم كلّكم، والكتّاب العرب المعروفون شهود، وبعضهم لا يزال حيّاً. كنت على خصومه معهم، لكن لمّا وقعت سوريا ما قعدت أتفرّج، زي لمّا وقعت العراق ما قعدت أتفرّج. كان صدّام حسين على عداوة مع الشيوعيين، وكثير من الشيوعيين، بما فيهم رفاق يعزّون عليّ وأعرفهم معرفة شخصيّة تمّ إعدامهم، بس لمّا العراق استُهدف من أميركا وقفتُ وآخرين بلا تردّد مع العراق ضدّ العدوان الأميركي، فالذي بوصلته العداء للإمبراليّة، للصهيونية، للرجعيّة، ما بيضيّع البوصلة، ما بيوقف مع الرجعيّة، مع الإمبرياليّة، مع الصهيونيّة، بذات الخندق، ما بيكون معهم في خندق واحد. موقف زياد الرحباني كان صحيحاً. نعم هُوْجِم زياد، بس هو كان الصحّ. سينصفه التاريخ، سيقول التاريخ إن هذا الإنسان وآخرين وقفوا الموقف الصحيح ودافعوا. الثورة الجزائرية كان فيها جناح متديّن ومغرق في التديّن لدرجة كان يعدم الشيوعيين واليساريين المنخرطين في النضال وعلى الرغم ظلّت عين الطاهر وطّار على حريّة الجزائر. والمناضل، وخصوصاً الشيوعي، يجب أن تكون بوصلته واضحة ضدّ الإمبرايالية، ضدّ الصهيونيّة، ضدّ الرجعيّة. هذه بوصلة الشيوعي تحديداً، لا يسأل هذا متديّن وهذا غير متديّن، يسأل هذا أين يقف؟. ومثلاً إيران بعد الثورة ظلمت الشيوعيين وعذّبت المناضل الشيوعي كيانوري الذي قبع في سجون الشاه أكثر من 30 سنة، نحن لا نتعامل على اساس ثارات قبليّة أو ثارات بدائيّة، نحن عندنا قضيّة، عندنا موقف. نحن مع إيران في صراعها مع الإمبرياليّة والصهيونيّة، نحن مع هذا الطرف الذي يقف الموقف الصح في هذه اللّحظة، وإذا موقفه مش صح نحن لسنا معه، كان من يكون، هكذا عندنا تُقاس الأمور.
ـ "سعود قبيلات" قاص وكاتب سياسي يساري. أمين عام الحزب الشيوعي الأردني منذ عام 2023. رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين والنائب الأوّل للأمين العام للاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب.
ـ "مجلّي نصراوين" مناضل أردني قومي تقدّمي، قبع في السجون السورية لمدة امتدّت 22 سنة دون محاكمة أو تهمة واضحة. حين خرج من السجن عام 1993 أكمل مسيرته الوطنية في الأردنّ متمسّكاً بمبادئه وبفكرته القوميّة ولم يساوم على قناعاته. شارك في العديد من الأنشطة الوطنية، وأصبح رئيساً لمنتدى الفكرة الاشتراكي، ثم عضوًاً في جمعية الصداقة الأردنيّة الفنزويليّة، بالإضافة إلى دوره البارز في تجمّع القُوى القوميّة، وكان دائماً في مقدّمة المدافعين عن القضيّة الفلسطينيّة وحقوق الشعب السوري في مواجهة التدخّلات الأجنبيّة.
ـ "طلال ناجي" هو الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ـ القيادة العامّة. انشقّ مع أحمد جبريل عن الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش سنة 1974. أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة ورئيسا لدائرة التربية والتعليم العالي فيها.
ـ "علي دوبا" رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية السوريّة في عهد حافظ الأسد. رافق الأسد الأب في مشواره بالصعود إلى السلطة منذ البدايات. ساهم في حماية النظام السوري منذ تسلّمَ البعث الحكم في انقلاب آذار عام 1963 و"الحركة التصحيحة" عام 1970. لعب دوراً أساسياًّ في التمكين لحكم حافظ الأسد خصوصاً في الفترة الأولى من الحكم، وفي فترة محاولة إنقلاب شقيقه رفعت الأسد. توفي سنة 2023 عن عمر ناهز التسعين عامًا.
ـ "الطاهر وطّار" كاتب وروائي جزائري شهير. أسّس أسبوعية الشعب الثقافي التي كانت منبراً للمثقفين اليساريين وله العديد من الروايات التي أكسبته شهرة في العالم العربي. من مواليد 1936. توفي سنة 2010.
ـ "نور الدين كيانوري" أمين عام حزب حزب توده الإيراني وحفيد رجل الدين المعروف فضل الله نوري. هو وحزبه كانا من أكبر المؤثّرين في الثورة الإيرانيّة على الشاه، وصار اختلاف بعد نجاح الثورة حول أسلوب الحكم. تمّ اعتقاله بتهمة "الدعاية للثقافة الماديّة الماركسيّة". أُُعدِم العديد من رفاقه فيما نجا هو بتدخّل شخصي من آية الله الخميني. رسالته إلى السيّد على خامنئي شهيرة. مات في الإقامة الجبريّة سنة 1999.






0 comments:
إرسال تعليق