يثير الغياب الغامض للزعيم الليبي، معمر القذافي، منذ آخر ظهور علني له قبل ما يقرب من أسبوعين، تساؤلات حول مصير العقيد الذي يحكم ليبيا منذ أكثر من أربعة عقود، خاصةً وأن هذا الغياب جاء بعد غارة شنها حلف شمال الأطلسي "الناتو" على العاصمة طرابلس، قالت السلطات الليبية إنها أسفرت عن مقتل أحد أبناء القذافي وثلاثة من أحفاده.
وبدأ هذا السؤال يفرض نفسه بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، على المناقشات التي تدور داخل أروقة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وكذلك في قاعات الناتو، حول مستقبل العمليات العسكرية التي يقودها الحلف، لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، بموجب قرار دولي، بهدف حماية المدنيين من عمليات القتل والترويع التي تقوم بها القوات الموالية للقذافي، ضد أبناء شعبه.
ومما يزيد السؤال إلحاحاً أن الزعيم الليبي درج في الآونة الأخيرة، ومنذ بدء الاحتجاجات المناهضة لنظامه، في منتصف فبراير/ شباط الماضي، على الظهور بشكل متكرر على شاشات التلفزيون المحلي، لدرجة أن البعض كان يعتقد أن القذافي يوجه رسائل إلى مؤيديه، من خلال تلك الخطابات، أو اللقاءات المقتضبة التي بثتها له وسائل الإعلام الموالية لنظامه.
وكان آخر ظهور للقذافي في 30 أبريل/ نيسان الماضي، عندما دعا حلف الأطلسي إلى وقف الهجمات الجوية على بلاده، وهو نفس اليوم الذي استهدفت فيه غارة جوية، شنتها مقاتلات الناتو، أحد المواقع التابعة للزعيم الليبي في العاصمة طرابلس، وهي الغارة التي وصفتها الحكومة الليبية بأنها "محاولة لاغتيال القذافي"، أسفرت عن مقتل أصغر أبنائه، سيف العرب.
وفي أعقاب تلك الغارة، قال المتحدث باسم الحكومة الليبية، موسى إبراهيم، في مؤتمر صحفي عُقد على نحو عاجل، إن القذافي وزوجته كانا متواجدين في منزل سيف العرب، الذي استهدفه صاروخ أطلقته قوات الناتو، إلا أنهما نجيا من القصف وحالتهما "طيبة"، مشيراً إلى أن القصف أسفر أيضاً عن مقتل ثلاثة من أحفاد الزعيم الليبي، الذي اختفى عن الأنظار تماماً منذ تلك اللحظة.
ويبدو أن صدى هذا السؤال بدأ يتردد أيضاً داخل أركان نظام القذافي نفسه، مما دفع المتحدث باسم الحكومة الليبية إلى التطرق هذا الأمر الأربعاء، بالتأكيد على أن القذافي "ما زال على قيد الحياة، وبصحة جيدة"، وأضاف أنه بعد محاولة استهدف الزعيم الليبي ثلاث مرات، ومقتل ابنه، فإن الحكومة لا تخفي حقيقة أنها اتخذت الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامته.
ونظراً لأن غياب القذافي، الذي نادراً ما يتخلف عن الظهور أمام الكاميرات، يعتبره كثيرون أمراً غير مألوفاً، فقد توجه بعض الصحفيين بالسؤال إلى المتحدث باسم البنتاغون، الكولونيل ديفيد لابان، عن المكان المحتمل أن يتواجد فيه الزعيم الليبي، فرد قائلاً: "لا أعرف إذا ما كانت لدينا معلومات حول المكان الذي يتواجد فيه، أو عن حالته الصحية."
كما أجاب مسؤول عمليات حلف الأطلسي، الجنرال كلاوديو غابليني، على سؤال مماثل طرحه عدد من الصحفيين في العاصمة البلجيكية بروكسل، بقوله: "ليس لدينا أي دليل عما يمكن أن يكون السيد القذافي يفعله الآن"، وتابع قائلاً: "وأخبركم بالحقيقة، نحن لا نهتم كثيراً بما يفعله، هدفنا الرئيسي هو حماية المدنيين من الهجمات والتهديدات، لذلك فإننا لا نبحث عن أفراد."
وفي آخر ظهور له، حث القذافي، في كلمة مباشرة بثها التلفزيون الليبي، دول حلف شمال الأطلسي على التفاوض لإنهاء الضربات الجوية، متهماً التحالف الدولي بقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية للبلاد، في محاولة للاستيلاء على إنتاجها من النفط، وأكد أنه لا ينوى التنحي أو مغادرة البلاد، وإن بإمكان الليبيين حل خلافاتهم، إذا توقفت غارات الناتو.
0 comments:
إرسال تعليق