بي بي سي ـ
هاجم متظاهرون مراكز شرطة وأشعلوا النيران بها في بعض مدن إيران التي استمرت فيها الاحتجاجات مساء الاثنين، حسبما تقول تقارير.
وأعلنت السلطات مقتل رجل شرطة بوسط البلاد "برصاص أحد مثيري الشغب".
وتشير رسائل وفيديوهات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تسيير مزيد من المظاهرات ليل الاثنين في مدن مختلفة، بما في ذلك العاصمة طهران، وكرمانشاه، غرب البلاد.
وتحدثت تقارير عن ترديد شعارات مناهضة للحكومة وإحراق سيارات مع حلول ليل الاثنين في طهران.
وتظهر صور صداما في بلدة قاهدريجان، في وسط إيران، بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يحاولون احتلال مركز شرطة، أشعلت النيران في جزء منه.
وفي مدينة كرمانشاه، أشعل المتظاهرون النار في نقطة لشرطة المرور، حسبما قالت وكالة أنباء مهر.
وتلك هي أكبر المظاهرات التي يواجهها نظام الحكم في إيران منذ مظاهرات الاحتجاج الواسعة على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009.
وتشير تقارير وكالات الأنباء المحلية إلى وجود كثيف لرجال الشرطة في طهران التي شهدت خروج مجموعات وصفت بالصغيرة من المتظاهرين الذين رددوا شعارات مناهضة للنظام.
غير أن التقارير تقول إن الهدوء عاد إلى العاصمة وإن الشرطة اعتقلت عددا من المتظاهرين.
وقُتل 13 شخصا في المظاهرات الأخيرة، التي سعى الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى التقليل من شأنها مؤكدا أنها لا تشكل تهديدا للنظام.
واعتبر روحاني أن الاحتجاجات "فرصة وليست تهديدا". غير أنه تعهد بالشدة في التعامل مع "مخترقي القانون".
أعلن عن مقتل ضابط شرطة في مدينة نجف أباد، وسط البلاد.
وقال التليفزيون الرسمي الإيراني إن "أحد مثيري الشغب استغل الوضع وأطلق الرصاص من بندقية صيد على ضباط الشرطة فقتل أحدهم، وأصاب ثلاثة آخرين".
وقال التليفزيون إن متظاهرين مسلحين حاولوا الأحد الاستيلاء على مراكز شرطة وقواعد عسكرية غير أن "المقاومة القوية من جانب قوات الأمن أوقفتهم".
ولوحت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالقوة الصارمة في مواجهة ما تصفهم بمثيري الشغب.
وقالت في بيان رسمي إنه "تم تحديد مثيري الشغب والمحرضين عليه وسوف يتم التعامل معهم بجدية قريبا".
وعبر علي شامخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، عن اعتقاده بأن وسائل التواصل الاجتماعي هى المسؤولة عن التحريض على العنف، حسبما تقول تقارير إعلامية في إيران.
ونقل عن شامخاني قوله "الهاشتاغات والرسائل عن الوضع في إيران تأتي من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية".
وحسب المسؤول الأمني الإيراني فإن "ما يحدث على الشبكات الاجتماعية بشأن الوضع في البلاد هو حرب بالوكالة ضد الشعب الإيراني".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قال إنه "حان وقت حدوث تغيير" . وعبر عن اعتقاده بأن الشعب الإيراني "جائع" يبحث عن الحرية.
ووصفت بريطانيا المطالب التي يرفعها المتظاهرون في إيران بأنها مشروعة ومهمة. ودعت السلطات الإيرانية إلى "نقاش جاد" بشأنها.
وقال بوريس جونسون، وزير خارجية بريطانيا، إن بلاده "ترقب الأحداث في إيران عن كثب".
وفي منشور على فيسبوك، قال الوزير "نعتقد بأنه يجب أن يكون هناك نقاش جاد بشأن القضايا المشروعة والمهمة التي يثيرها المحتجون ونتطلع لأن تسمح السلطات الإيرانية بذلك".
وحسب البيان، فإن الاتحاد الأوروبي "سوف يواصل مراقبة التطورات" في إيران.
ودعا الوزير البريطاني الجميع في إيران للإحجام عن العنف وإلى وفاء السلطات الإيرانية بالتزاماتها الدولية بشأن حقوق الإنسان.
غير أن جونسون قال إن الحق في حرية التعبير والتظاهر السلمي يجب أن يمارس "في إطار القانون".
وطالب الاتحاد الأوروبي السلطات الإيرانية بضمان الحق في التظاهر السلمي.
وفي بيان رسمي، أشارت المتحدثة باسم فيدريكا موغيريني، مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد، إلى "اتصالات مع السلطات الإيرانية"،وقالت "نتوقع أن يتم ضمان الحق في التظاهر السملي وحرية التعبير".
كيف تعاملت السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات؟
اعترف الرئيس روحاني في تصريحاته بوجود المظالم الشعبية، رغم أنه حذر من أن الحكومة "لن تتسامح مع من يضر بالممتلكات العامة، وينتهك النظام العام ويخلق اضطرابات في المجتمع".
كما حذر الحرس الثوري الإيراني المتظاهرين المناهضين للحكومة من أنهم سيواجهون "قبضة من الحديد" للدولة فى حالة استمرار الاضطرابات السياسية.
ويمثل الحرس الثوري قوة عسكرية كبيرة تتبع مباشرة المرشد الأعلى فى البلاد آية الله علي خامنئي، ومهمته الرئيسية الحفاظ على النظام الإسلامى فى البلاد. ويقول المراسلون إن سيناريو تدخل الحرس الثوري رسميا في التصدي للمظاهرات سيمثل تصعيدا خطيرا في البلاد.
وتم القبض على حوالي 400 شخص فى الأيام الأخيرة، من بينهم 200 شخص فى طهران، ليلة السبت.
ومازالت السلطات تعلق عمل مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متقطع، خشية استخدامها في الحشد وتنظيم الاحتجاجات، بما في ذلك مواقع تيلغرام وانستغرام.
وبدأت وسائل الإعلام التابعة للدولة، الاثنين، بث بعض اللقطات من الاحتجاجات، على الرغم من التركيز على شباب يهاجمون مصارف ومركبات ويحرقون العلم الإيراني، بحسب فرانس برس.
واستخدمت الشرطة، يوم الأحد، مدفع المياه لتفريق المتظاهرين عند تقاطع كبير، وفقا لما ظهر في شريط فيديو حصلت عليه بى بى سى.
إلى أين ستؤدي الاحتجاجات؟
يقول كسرة ناجي، محلل في خدمة بي بي سي الفارسية، إن هناك استياء واسع النطاق ومثير للقلق في إيران، حيث ينتشر القمع وتزداد تردي الأوضاع الاقتصادية السيئة. وكشف تحقيق استقصائي لبي بي سي أن الإيرانيين عموما أصبحوا أكثر فقرا بنسبة 15 في المئة خلال السنوات العشر الماضية.
وتقتصر الاحتجاجات على جيوب صغيرة نسبيا ويشارك في غالبيتها الذكور، الذين يطالبون بالإطاحة بنظام الملالي.
وانتشرت المظاهرات في المدن الصغيرة بجميع أنحاء البلاد وهناك فرصة أن تتطور ويزداد حجمها.
ولكن لا توجد قيادة واضحة. وتم إسكات رموز المعارضة منذ فترة طويلة أو نفيهم من الحياة العامة.
وطالب بعض المتظاهرين بعودة النظام الملكي (حكم الشاه في إيرن). وقد أصدر رضا بهلوي، ابن الشاه السابق (محمد رضا بهلوي)، الذي يعيش في المنفى بالولايات المتحدة، بيانا يؤيد المظاهرات.
لكن هناك مؤشرات على تجاهله وعدم وجود أي دور له في هذه الاحتجاجات.
وخدمة بي بي سي الفارسية،التي تشمل التليفزيون والراديو والإنترنت، تبث من لندن. وهي محظورة في إيران. ويتعرض جميع العاملين بها وعائلاتهم بشكل دوري لاعتداءات ومراقبة من السلطات.
وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني، نظيره الأمريكي دونالد ترامب، بأنه "عدو للأمة الإيرانية من رأسه وحتى أخمص قدميه".
وجاء هذا الوصف ردا على تصريحات ترامب حول الاحتجاجات والتي قال عنها "الشعب الإيراني انتبه أخيرا إلى كيفية سرقة أمواله وثرواته وإنفاقها لدعم الإرهاب".
وفي 31 ديسمبر/ كانون أول الماضي، غرد بالمزيد من الانتقادات لما يجري في إيران، وكتب على تويتر :"إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب وبها الكثير من انتهاك حقوق الإنسان، أغلقت الإنترنت لمنع المتظاهرين السلميين من التواصل، ليس أمرا جيدا!".
ماذا حدث في 2009؟
في هذا العام، خرجت مظاهرات ضخمة سُميت بـ"الحركة الخضراء"، وشارك فيها ملايين المعارضين ضد الإعلان المثير للجدل عن فوز محمود أحمدي نجاد بدورة رئاسية ثانية.
وقتل 30 شخصا على الأقل في هذه المظاهرت وتم اعتقال الآلاف في موجات التظاهرات، التي كانت تعد أكبر خروج للإيرانيين في الشوارع منذ قيام الثورة الإسلامية 1979.
0 comments:
إرسال تعليق