استمعت المحكمة الخاصة بلبنان اليوم الى شهادة النائب وليد جنبلاط، الذي تحدث عن العلاقة التي ربطته بالنظام السوري بعد اغتيال والده كمال جنبلاط، وأشار الى أن "علاقتي بالنظام السوري بدأت في العام 1977 بعد أربعين كمال جنبلاط رغم أن هذا النظام قتله"، وذكر جنبلاط أنه لم يستطع "تحقيق حلم كمال جنبلاط بالتغيير"، لافتاً الى أن "أمام الخطر المحدق بلبنان والذي كان يتعرض إلى مؤامرة كان لا بد لي أن أوقع اتفاقاً سياسياً مع من اغتالوا والدي".
وأشار جنبلاط الى أن "كمال جنبلاط اعترض على الدخول السوري الى لبنان أمام الرئيس السوري حافظ الأسد... والدي كان على علم بأنه سيتم اغتياله". يروي جنبلاط أن خلال زيارته الأولى الى دمشق بعد 40 يوماً من اغتيال كمال جنبلاط، "الرئيس السوري حافظ الأسد تفاجأ بزيارتي له".
وفي ما يتعلّق بمصير ملف اغتيال كمال جنبلاط القضائي، قال:"المرحوم حسن قواس قام بالتحقيق في مقتل كمال جنبلاط وتفاصيل السيارة التي لحقت به وكيف قتلوه على مشارف قرية بعقلين ولكن القضية تحولت كسائر الجرائم السياسة الكبرى إلى المجلس العدلي الذي لا يستطيع أن يبت خلال بدء وصاية سورية على لبنان".
بعد العام 1991، أشار جنبلاط الى "أننا حاولنا مع (الرئيسين) الياس الهراوي ورفيق الحريري إيجاد فرصة لبنانية للحكم ولكن نظام المخابرات المشترك اللبناني-السوري لم يكن يسمح بذلك". ذكر أنه "بالنسبة لنا اميل لحود كان الممثل الأقوى للنظام السوري في لبنان"، لافتاً الى انه "عند انتخاب اميل لحود رئيساً عام 1998 وقفنا في المجلس النيابي وكنا 6 نواب واعترضنا على انتخابه فيما صوت باقي النواب له". لفت الى أن "كثير من اللبنانيين شعروا أن القبضة الأمنية للنظام السوري كانت تزداد على البلاد"، مؤكداً أنه "عام 1998 كانت البداية في مواجهة النظام السوري".
أوضح جنبلاط أن في سوريا هناك مركزية قرار وانما هناك أجنحة والأسد كان يستند الى جناح محمد ناصيف في حين أن علاقته مع (حكمت) الشهابي وخدام لم تكن جيدة".
في معرض حديثه، ذكر جنبلاط أنه التقى بشار الأسد مرتين، "في لقائي الأول مع بشار الأسد قال لي غازي كنعان أريدك أن تعلم من هم آل الأسد وتذكرت هذا الكلام عندما أجبر على الانتحار في نهاية العام 2005"، مضيفاً "في لقائي الثاني مع بشار الأسد بيّن عداءه تجاه الرئيس رفيق الحريري".
لفت جنبلاط الى أنه "في العام 2000 كانت الخطوة الثانية للتصعيد ضد النظام السوري... ففي هذا العام كان هناك موقف تاريخي للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير يطالب فيه بانسحاب الجيش السوري من لبنان وذلك بعد تحرير الجنوب.. أما أنا فقلت في مجلس النواب انه ان الأوان لاعادة تموضع الجيش السوري في لبنان".
الاسد هدد الحريري
في القسم الثاني من الجلسة، قال النائب جنبلاط: "بعد التحرير في العام 2000 ظهرت علينا حجة مزارع شبعا رغم وقوعها تحت وصاية سوريا"، مشيرا الى انه "التقى الرئيس الاسد بعد 11 ايلول 2001 وان غازي كنعان رتب هذا اللقاء وكان الشرخ ابتدأ بيننا"، كاشفا ان "النواب الذين يؤيدون سوريا نعتوني في العام 2000 بالعميل الاسرائيلي".
واضاف: "لم يكن لي علاقات شخصية بحاكم سوريا اليوم، موضحا ان حكمت الشهابي رفض طلب حافظ الاسد بتمديد ولايته لانه لم يشأ العمل تحت امرة بشار الاسد".
وقال: "حكمت الشهابي وخدام كانا يعتبران رفيق الحريري شخصية عربية بارزة ولكن شخصية سنية كالحريري كانت تخيف النظام السوري".
وكشف ان "حكمت الشهابي حذرني مرات عدة من خطر النظام السوري"، لافتا الى ان علاقته "مع رستم غزالة لم تكن ودية، وكنعان كان قاسيا لكنه صادق".
واشار الى ان علاقة الرئيس رفيق الحريري بحافظ الأسد كانت وطيدة جدا لكنها تغيرت جذريا بعد وصول بشار الأسد. وان بداية توتر العلاقة بين الرئيس الحريري والنظام السوري كانت مع تعيين اميل لحود رئيسا للجمهورية الذي كان يعلم جيدا أنه مدعوم من سوريا ليقوم بما يريد كما حصل في وزارة المالية مع الرئيس فؤاد السنيورة، حيث عمد لحود على ارسال دورية لتهين السنيورة في وزارة المالية بغطاء من سوريا بسبب تعديل رواتب العسكريين.
ولفت الى ان علاقته بالرئيس رفيق الحريري كانت وطيدة دائما منذ منتصف الثمانينات، كنا نختلف في السياسة مع الحريري أحيانا وتحديدا بشأن خصخصة القطاع العام. كنت أقوم بتصاريح سياسية مناهضة لمواقف الرئيس الحريري الإقتصادية وكان يتقبلها باحترام وودية.
وقال ان "الاسد استدعى الحريري في نهاية 2003 وانذره امام الضباط غازي كنعان ورستم غزالة ومحمد خلوف قائلا "انا من يحكم هنا ولا احد غيري". وأضاف ان "الحريري علم بعد هذا اللقاء بحقيقة نوايا الاسد تجاهه". واوضح ان " بداية توتر العلاقة بين الحريري والنظام السوري كانت مع تعيين اميل لحود رئيسا للجمهورية لاننا عملنا سويا على تأخير هذا الاستحقاق 3 سنوات عبر التمديد للرئيس الهراوي". وكشف ان "الاسد طلب من الحريري ان يوقف مساهمته في صحيفة "النهار" المناهضة لسوريا". واشار جنبلاط الى ان "كل الذين شاركوا في اغتيال الحريري تمت تصفيتهم من آصف شوكت الى جامع جامع ورستم غزالة ولو لو تمكنت محكمة لاهاي من الاستماع الى رستم غزالة لكان اطلعها على معلومات مهمة بشان اغتيال الحريري".
القسم الثالث من الجلسة
في فترة ما بعد الظهر، سئل جنبلاط: في 25 اب زارك غزالي .هلا تصف للغرفة ما قاله لك وما كان ردك؟.
ج: طلب موعدا وأتى الى منزلي في كليمنصو . ولم يستغرق الحديث اكثر من 10 دقائق وكان حدد لي موعدا مع بشار الاسد في اليوم التالي .وسالني غزالي "ماذا ستقول للرئيس الاسد؟". في الاجتماع المقرر في اليوم التالي فاجبته" انا لن اوافق على التمديد .وثمة مرشحين كثر سواه كفؤ بينهم جان عبيد".فرد عليه غزالي"هل انت معنا ام ضدنا ؟". فأجبته لي معكم 27 عاما فهل لأنني أجبتكم برفض التمديد للحود أكون ضدكم؟"... وخرج من دون ان يكمل فنجان القهوة. كان غزالي يتحدث باسم سوريا .اراد ان يعرف مني مسبقاً ما سأقوله لبشار الاسد . وفي المساء نفسه تلقى العريضي اتصالا من غزالي وابلغه الغاء الموعد مع الاسد. وفي اليوم نفسه، الغي عشاء في بعبدا مع لحود. وبعد ان غادر غزالي منزلي ذهب وقابل الحريري في قصر قريطم.
وأشار كامرون الى شريط صوتي مسجل للقاء الحريري -غزالي في حضور الصحافي شارل ايوب اعتمدته الغرفة بيّنة مع شريطين اخرين . كان سلمه الى المحكمة اللواء وسام الحسن، وطلب كامرون من جنبلاط تأكيد الاصوات المسموعة في الشريط. وقال جنبلاط انها عائدة الى الحريري وغزالة .
س: عندما رد غزالي عليك هل فاجأك جوابه؟.
ج: طبعا تفاجأت. ان اصبح عدواً لسوريا .وبمعرفتي برستم طبعا لم اتفاجأ ولكن استخلصت عداء بشار لي وبعد اسبوع استخلصت عداءه للحريري.
س: التقى الحريري الأسد فماذا أخبرك لدى عودته؟
ج: عندما غادر دمشق عائداً الى بيروت اتصل الحريري بي وقال لي انه آت لزيارتي. فوصل بحضور العريضي ومروان حماده، جلسنا في الحديقة وكان الحريري مكفهراً غاضباً حزيناً غريباً، وجلس الى جانبه باسم السبع وقال الحريري ان الأسد بادره "عليك بلحود، ولحود هو انا واذا أراد شيراك اخراجي من لبنان سأكسر لبنان، واذا لجنبلاط جماعة من الدروز فلي ايضا جماعة من الدروز في سوريا". اعتبرت كلام الاسد انه تهديد سياسي وجسدي للحريري. اخذت المبادرة وقلت للحريري: "أعلم ما يستطيع هذا النظام ان يفعله. انا لن اعترض بالسياسة، ولن اصوت للتمديد، وانت إذهب وصوّت للحود". وطلبتُ منه خلافاً لارادته أن يمدد بعدما قال في حديث صحافي"سأقطع يدي ولن أمدد "، ولكن من أجل سلامته الجسدية طلبت منه ان يمدد كوني اعلم ما يمكن ان يفعفله بشار وجماعته، هو استقبلهم اقل من ربع ساعة، لم يسمح للحريري بالجلوس، هو ذهب الى سوريا وتلقى تهديدا مباشرا .عاد طبعا خائفا ومن اجل مصلحته وتفاديا للخطر نصحته بان يمدد.
س: ذكرت ان الاسد قال له "انا لحود . ولحود هو انا ". ماذا فهمت في هذا الكلام؟.
ج: فهمت من كلام الأسد ان الوحيد الذي يمثلني في لبنان هو لحود وهو زلمتي في لبنان ولن أقبل غيره رئيسا للجمهورية".
س: ما الذي فهمته من قوله عن المجموعة الدرزية في سوريا؟
ج: يعني انه يستطيع ان يستخدم دروز سوريا ضدي . وهذا تهديد لي، ليس هناك مواجهة سياسية من دون مواجهة جسدية، هكذا حصل مع والدي عام 77 عندما رفض دخولهم لبنان ، فاستذكرت والدي ونصحت الحريري بالتمديد اتقاء لشرهم.
وعن سبب اقتناعه بالتصويت ضد التمديد، قال :"لأنني اقتنعت بأنه لا بد من الوصول الى لبنان حر يحكم نفسه بنفسه وبعلاقة مميزة مع سوريا . وعام 2004 كانت قمة المواجهة مع سوريا بعدم تمديدي للحود، وفي الحياة عليك ان تتخذ موقفا، واتخذته، ولو اعترضت والحريري على التمديد لما كان حصل. ومن خلال التمديد تستمر القبضة السورية على لبنان ولا يستطيع ان يكون له موقعا مستقلا كسائر الدول. واضاف جنبلاط "نعم خفت على الحريري ومن حقي ان اخاف على صديقي . وقلت له سأحميك في السياسة، فارتاح الحريري نسبيا من ناحية انما كان مضطربا سياسيا من ناحية اخرى لأنه كان يعرف ما ينتظره من التمديد للحود، وبعد التصويت على التمديد استقال وزراء اللقاء الديموقراطي وصدر القرار 1559، كما صوتت الكتلة ضد التمديد في المجلس النيابي وكنا مع غطاس خوري 92 نائبا صوتوا ضد التمديد وسميت انذاك "لائحة الشرف". وبالنسبة لي كانت مرحلة سياسية جديدة في لبنان وستفتح افاقا واسعة. كنا خلية نحل لنكون اوسع شريحة في مواجهة التمديد القسري للحود. وذكر جنبلاط "اتهم الحريري بالمشاركة بالقرار 1559 ولكنه كان خارج ارادتي والحريري. فقاعدتنا كانت تطبيق الطائف ورفض هذا القرار. ولم يكن ليصدر لولا التمديد للحود . وكان هناك فرصة لحل الامور بسلام".
س: هل اعرب لك الحريري عن عقد صفقة ما بعدم التمديد لقاء عدم صدور هذا القرار؟.
ج: كانت رغبة الحريري في الاجتماع مع الأسد مناقشة الاحتمالات الرئاسية معه . ولكن الأسد لم يترك له مجالا للمناقشة . هدده وهددني وحصل التمديد وصدر القرار 1559. وأعتقد ان احداً من الدول الكبرى أبلغ الاسد موضوع القرار قبل صدوره.
وفي رده على سؤال بشأن علاقته بـ"قرنة شهوان"، أجاب :"كانت ممتازة وتوطدت لتوسيع الحركة الوطنية لمواجهة التمديد للحود منذ ان أصدر البطريرك صفير بيانه الشهير عام 2004 . وطالب فيه بالانسحاب السوري من لبنان والتقينا معه . نحن كنا نقول باحترام الطائف وهم مع الانسحاب الكامل ولكن كنا نلتقي في مكان ما من كل من الطرحين".
ورفعت الجلسة الى غد لمتابعة الاستماع الى جنبلاط من ممثل الادعاء كامرون.
0 comments:
إرسال تعليق