يوم أسود آخر في تاريخ الانسانية. لا ينفع ان نستنكر هذا العمل الاجرامي الإرهابي البشع وندين مرتكبه دون تسليط الضوء على الينابيع الذي غذّت التطرف لدى هذا العنصري الأبيض كما وصف هو نفسه.
خارجياً دلَّنا على منابعه. عاد بها الى هزيمة العثمانيين في القرن السابع عشر مروراً بمرتكبي مجازر التطهير العرقي في اوروبا في القرن الماضي وصولا الى العنصري المتطرف اندرس بريفيك مرتكب مجزرة النروج والتي ذهب ضحيتها 77 شخصا وعشرات الجرحى متباهياً أنه كان على اتصال به ويحظى اليوم ببركة أتباعه للمضي على خطاه.
داخلياً لم يقل لنا أن ارتفاع منسوب العنصرية لدى بعض السياسيين والإعلاميين الاستراليين، خاصة الذين يقبعون منهم في أقصى اليمين، كان احد الروافد المهمة لتغذية هوسه وتفوقه المزعوم.
ولا بد هنا من التذكير، أن مسلمي مسجدَي نيوزيلاندا، وكل المسلمين، كانوا ضحايا التطرف والإرهاب في بلادهم الأم قبل ان يسقطوا برصاص التطرف والإرهاب المضاد. كانوا ضحايا أنظمتهم المتخلفة والمستبدة، ضحايا داعش والقاعدة. كانوا ضحايا الغطرسة الأميركية وحلفائها في العراق، وضحايا الكيان الصهيوني في فلسطين، وكانوا ضحايا التاريخ المزوَّر للإسلام السياسي على مرّ العصور.
طبعاً ندين وبأشد العبارات ما تعرض له مسلمو نيوزيلاندا على يد العنصري الأبيض برنتون ترانت. ولكننا ندين أيضاً كل الينابيع التي تغذيه هو وأمثاله، حول العالم. وهذه الجريمة لا ننظر إليها كجريمة ضد المسلمين فحسب بل جريمة ضدّ الانسانية جمعاء. المنفِّذ العلني فيها هو المجرم الصغير، والذي هو الآن قيد الإعتقال، بينما المجرمون الكبار لا زالوا يبثون سمومهم من على أعلى المنابر الإعلامية والسياسية هنا وحول العالم. فمتى تتم محاسبتهم كي يصبح العالم أكثرأمانا؟!
منتدى الحوار الاسترالي اللبناني - سدني
0 comments:
إرسال تعليق