بقلم الأسير: أسامة الأشقر
كتب البروفيسور وأستاذ الفلسفة الحاصل على وسام "إسرائيل" أسا كاشير على صفحته على موقع فيسبوك أن ما يحدث في إسرائيل ليس انزياحا لليمين وأن هناك تحولات أخطر بكثير من حالة انحياز، وخلص لنتيجة مفادها أن هذا الشعب ليس هو الشعب الذي يعرفه "هذا ليس شعبي".
لم تكن صرخة كاشير الوحيدة في هذا الإطار فقد عجت مواقع التواصل الاجتماعي واستوديوهات الأخبار بتحليلات وتنبؤات لما تحمله الأيام القادمة نتيجة إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو وعودة تحالف اليمين المتطرف للسلطة ولكن دون أي شركاء آخرين من أحزاب الوسط "المركز" هذه المرة. هذا التحالف الذي لم ينتج عن تلاقٍ طبيعي لمصالح قادة هذه الأحزاب وإنما هو نتيجة مباشرة لسياق طويل من تطبيع الجماعات المتطرفة الذي أشرف عليه نتنياهو وأداره، فمنذ أن حجب المتطرف وزعيم حزب الليكود السابق مناحيم بيغن هذه الجماعات عن المشاركة في الانتخابات ومنعها من دخول الكنيست خاضت الكثير من المعارك القضائية والسياسية للسماح لها بالترشح للانتخابات العامة. وبعدما أيقن اليمين الفاشي عدم قدرته على العودة لسدة الحكم أعاد إحياء كافة النزعات الشيطانية التي حاول لسنوات إخفاءها وإظهار الوجه الآخر لمنظومة الكيان "الديمقراطية " فهذه الدولة تدرك منذ ما قبل إقامتها أنها ملزمة بل ومكرهة على التظاهر بأنها صورة "الغرب المتحضر" ، وهي بذلك تؤدي دورين مركزيين الأول فائدة "الاستعمار" وأهميته للعالم والثاني تشريع السرقة والسلب والظلم التاريخي الذي ارتكب بحق شعب كامل بما في ذلك تهجيره وإحلال المستوطنين الغرباء محله.
اليوم وبعد عقود من ممارسة الخداع المكشوف تعيد المنظومة الاستعمارية إنتاج نفسها من خلال إبراز آيديولوجيتها الحقيقية بلا أي قناع أمام العالم أجمع فهي لم تعد تخجل من عنصريتها وفاشيتها حتى أنها أصبحت هي التيار المركزي الأوسع داخل المجتمع الاستعماري، حيث أصبحت تمثل هذه الآيديولوجيا الآن شرائح واسعة من هذا المجتمع، فنرى ظاهرة بن غفير تحظى بشعبية تفوق الأحزاب التي أقامت المشروع الاستعماري برمته، وهي نتيجة حتمية لما طرأ على هذا المجتمع من تحولات وهي أبعد بنظرتها لطبيعة المشروع من كونه إقامة دولة يجتمع فيها أصحاب الأرض المزعومون.
لذلك فهي الآن تحاول خلق تحالفات طويلة تؤسس لمرحلة مختلفة كليا عن كل ما عرفه هذا الكيان، وبإنتاجها هذا ستجد هذه الأحزاب نفسها غير قادرة على التعامل أو التعاطي مع التداعيات التي ستتركها عرضة للتفكك والصراعات وهو ما بدأنا نلحظ بوادره
0 comments:
إرسال تعليق