لماذا تم تأسيس "بسيج التلاميذ"؟ تقرير يرصد تجنيد إيران لأطفال المدارس في صفوف ميليشياتها

اختيار واعداد عادل محمد
20 فبراير 2020

"بسيج التلاميذ" هو العنوان الأبرز لأخطر التقارير الموثوقة المسربة من طهران في الفترة الأخيرة، ومفادها أن النظام الإيراني أنشأ مؤسسة خاصة لتجنيد الأطفال «التلاميذ» من عمر يتراوح بين العاشرة والثانية عشرة.

تم تأسيس "بسيج التلاميذ" عندما أحرق عناصر البسيج هوياتهم العسكرية، بعد الاحتجاجات الكبيرة التي عمت جميع أنحاء ايران في نهاية عام 2017.

قام عدد كبير من عناصر ومنتسبي ميليشيات البسيج التابعة للحرس الثوري، بحرق هوياتهم العسكرية وتصويرها وبثها عبر مواقع التواصل، معلنين انحيازهم للمظاهرات التي تعم إيران، والتي دخلت الأحد، يومها الحادي عشر، حیث يردد المحتجون شعارات تطالب بإسقاط النظام ومرشده علي خامنئي مرددين هتافات "الموت لخامنئي" و"اخجل يا خامنئي واترك الحكم" و"الاستفتاء" على نوع النظام الذي یریدونه.

هذا بينما یقول الکثیر من هؤلاء العناصر المنشقين في الفیدیوهات التي ينشرونها إنهم لم ينتسبوا إلى البسیج لکي یقتلوا شعبهم، ودعوا سائر العسکریين من الحرس الثوري والجيش النظامي إلى الوقوف إلى جانب الشعب في احتجاجاته ومطالبه، وأكدوا أنهم سئموا أكاذيب قادة النظام وتغطيتهم على مسلسل الفساد الحكومي ونهب المال العام من قبل كبار المسؤولين والمقربين من المرشد وقادة الحرس.

ويتطوع للبسيج أغلب الشباب والموظفين والعاطلين عن العمل وطلبة الحوزات الدینیة بهدف الحصول على امتيازات خاصة واستثنائية كالحصول على عمل أو قروض وسكن وسيارات أو سلع بالتقسيط أو سهولة الدخول الى الجامعة، مقابل المساهمة في أنشطة البسيج، مثل العمل على جمع تقارير حول الأمن الداخلي وتوفير الخدمات الاجتماعية وتنظيم الاحتفالات الدينية العامة لصالح الترويج لأيديولوجية نظام ولاية الفقيه.

وأبدى الكثير من هؤلاء المنتسبين تعاطفا مع المظاهرات التي احتج المواطنون خلالها على الغلاء والبطالة وارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي وملايين الجياع، بسبب علمهم بالواقع الإيراني وقاموا من أجل الإعلان عن موقفهم الداعم للشعب والوقوف إلى جانب المستضعفين، ووثق عدد من عناصر البسيج في تسجيلات مصورة إحراق هوياتهم العسكرية، معلنين بذلك انشقاقهم عن النظام وانحيازهم لمطالب المتظاهرين.

تأسست ميليشيات البسيج بأمر من المرشد الأول للنظام، روح الله الخميني

بعد أشهر من انتصار الثورة التي أطاحت بالشاه الإيراني عام 1979 ويشرف عليها الحرس الثوري.

والمؤسسة تسمى بالفارسية "سازمان بسیج مستضعفین" أي "منظمة تعبئة المستضعفين" وهي ميليشيات تتكون من متطوعين من المدنيين ذكور وإناث، وكانت المنظمة تعرف في البداية باسم "قوة باسيج المقاومة"، حيث صوت عليها مجلس الشورى (البرلمان الإيراني) عام 1980 كجزء من قوات الحرس الثوري.

تجنيد الاطفال في ميليشيات البسيج.

فئات البسيج وعددهم

ووفقا للمادة 13 من قانون تجنيد الحرس الثوري، يعرف البسیجي بأنه شخص تطوع في صفوف جيش الحرس الثوري، الذي سيكون مكونا من 20 مليون جندي.

وتقسم قوات التعبئة "البسيج" في نفس المادة إلى ثلاث فئات، هي: "قوات التعبئة العادية" و"التعبئة النشطة" و"التعبئة الخاصة" أو "منتسبو الحرس الثوري الفخريون".

ومن بين القطاعات الثلاثة للتعبئة، تشمل مجموعة واسعة جدا من عناصر البسيج العاديين. هؤلاء الأشخاص يقتصر حضورهم على المشاركة في المشاريع المدنية والأنشطة الدينية والتعبوية والدعاية للنظام، وذلك من أجل الحصول على مكاسب شخصية والكثير منهم لا يؤمنون بقيم النظام.

وتتبع قوات البسيج كما الحرس الثوري سلطة المرشد الأعلى للنظام في إيران مباشرة، وعناصرها معروفون بالولاء لقائد الثورة، ويقدر عددهم حاليا بحوالي 5 ملايين منتسب وأغلبهم من البسيج العادي، بينما البسيج النظامي يصل عددهم إلى حوالي 100 ألف عنصر، بحسب الخبراء، لكن مسؤولي البسيج والحرس الثوري يعلنون دائما أرقاما مرتفعة تصل حوالي 20 مليونا، لكي يوحوا للناس بأنهم حققوا أهداف الخميني بتشكيل جيش شعبي قوامه عشرون مليون منتسب.

 مواجهة التهديدات

ويصنف محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري السابق مهام البسيج إلى مواجهة ثلاثة أنواع من التهديدات: 1- التهديدات الناعمة ضد تهديد النظام الإيراني مثل الحرب الإلكترونية والغزو الثقافي وتقويض قيم الثورة، 2- التهديدات نصف الجدية مثل الانتفاضات الشعبية دون استخدام السلاح والتهديدات الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية، و3- التهديدات الجادة مثل الانتفاضات المسلحة والحرب الأهلية والحروب الخارجية.

والتهديدات الأولى هي من مهام البسيج غير النظامي (المدني) ومواجهة التهديدات الثانية من مهام البسيج النظامي(العسكري) أمام مواجهة التهديدات من النوع الثالث فهو من مهام الحرس الثوري والبسيج العسكري، بحسب ما كشف جعفري في كلمة له خلال مناورات للبسيج عام 2008.

أهداف البسيج

وأهداف البسيج كما جاء في موقعها الإلكتروني على النحو التالي:

- تحقيق أوامر وأقوال روح الله الخميني مرشد النظم الأول حول تشكيل نواة جيش "حزب الله".

- خلق القدرات اللازمة والاستعداد للدفاع في المجال العام في الدفاع عن البلاد.

- إنشاء القدرات القتالية اللازمة للانخراط في العمليات الكلاسيكية والواسعة النطاق.

- إنشاء القدرات اللازمة للمساعدة في حالات الكوارث والحوادث الطبيعية.

تجنيد للحرب وانتهاك اتفاقية حقوق الطفل

قضية تجنيد إيران العناصر البسيج بما فيهم تلاميذ المدارس والاطفال في الحروب ليست جديدة، وقد بدأت منذ الثمانينيات مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988) حيث تم إرسال آلاف الأطفال الإيرانيين تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 17 عاما، للجبهات كمتطوعين في صفوف الحرس الثوري في أخطر مواقع القتال بتدريب محدود.

وفي ديسمبر الماضي، دانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية برصد انتهاكات حقوق الإنسان، إرسال السلطات الإيرانية أطفالا للقتال بصفوف قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وذلك عقب نشر التلفزيون الإيراني مقطعا مع مقابلة مع طفل مجند في الثالثة عشرة من عمره، وقال إنه جاء إلى سوريا تحت تأثير قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، المصنف على قائمة الإرهاب.

وتقول المنظمة إنه "بموجب القانون الدولي العرفي، يُعتبر تجنيد الأطفال دون سن الـ 15 جريمة حرب، حيث يحدد "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل" 18 عاما كحد أدنى لسن التجنيد أو المشاركة في الأعمال الحربية".

وفي نوفمبر من العام الماضي، رفض اللواء محمد رضا نقدي، القائد السابق لميليشيات البسيج (التعبئة الشعبية) التابعة للحرس الثوري الإيراني، توقيع بلاده على اتفاقية حقوق الطفل الدولية تحت ذريعة أنه "خلاف للشرع" و"غير عقلانية تماما"، على حد تعبيره.

وتجند ميليشيات البسيج والحرس الثوري الأطفال في صفوفها لإعدادهم في المشاركة في الحروب حيث قتل العديد من منهم في سوريا تحت مسمى "الدفاع عن مقامات أهل البيت"، و"الدفاع عن الأمن القومي الإيراني" خلال ست سنوات من تدخل إيران العسكري في سوريا.

تنويه: تم تصحيح جميع الكلمات "الباسيج" الواردة في هذا التقرير إلى "البسيج" حسب أصولها الفارسية.

المصادر: المواقع العربية المعتبرة

بالفيديو.. أقوال عنصر من قوات البسيج الذي يحرق بطاقة العضوية معلنا انشقاقه على "مصاصي الدماء" وانضمامه إلى المتظاهرين:

يا شعب الايراني الحر، أنا "مصطفى دهباشي زاده" كنت عنصر في البسيج، وهذه بطاقتي البسيجية، أمتلك شهادة البسيج ولكن مع الأسف لم أعثر عليها، خدمت في الجبهة نحو سنة وستة أشهر، وأصبت في الحرب مع العراق، في حين شقيقي استشهد في الحرب.

شاهدوا هذه بطاقتي البسيجية، أنظروا جيداً هذه بطاقتي مع صورتي، سترون جيداً، أعلن انشقاقي مع نظام الجمهورية الاسلامية الدموي، نظام قمعي، مستبد وظالم.

أنتم كذلك ثوروا وأحرقوا بطاقاتكم البسيجية، وسيروا جنباً إلى جنب مع الشعب.   

​ترجمة عادل محمد

​فيديو اليوتيوب من موقع الفيس بوك مع الصورة والصوت أوضح من الفيديو التالي

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق