الجيش بين نارين... في شارع سوريا بطرابلس
النهار
بدد الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله كل ما تبقى من "غموض بناء" حول الاشتراطات التي يطرحها الحزب للافساح لاختراق الازمة الحكومية والسياسية في البلاد، فأطلق امس منظومة مواقف اتسمت بصراحة تامة في تخييره قوى 14 آذار بين استمرار التعطيل الذي يبقي الازمة على حالها او التسليم بشروط فريقه "لان الزمن الآتي ليس لمصلحتكم".
وجاء خطاب السيد نصرالله في الاحتفال بالذكرى الـ25 لتأسيس مستشفى الرسول الاعظم امس، ليرسم السقف الاعلى للازمة الداخلية، نظرا الى ما تقصد من خلاله ان يظهر استقواء فريقه باللحظة الاقليمية الراهنة بدليل انه قرن الهجوم الحاد الذي شنه على المملكة العربية السعودية بـ"النصائح" التي لم تخل من شماتة وبعض التهديدات المبطنة لفريق 14 آذار. وأثار هذا الهجوم المزدوج تساؤلات عما اذا كان السيد نصرالله يرغب فعلا في تغيير الواقع الحكومي ام يسعى الى تعويم الحكومة المستقيلة تحت ستار الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لملفي النفط والوضع في طرابلس، علما انه لم يوفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان من بعض انتقاداته الملتبسة.
وبدت لافتة في خطابه، حملته على السعودية التي وصفها بـ"الدولة الغاضبة" واتهمها بـ"استقطاب عشرات الالوف من المقاتلين من كل انحاء العالم الى سوريا وتمويلهم بـ30 مليار دولار حتى الآن". ثم انبرى لاتهام قوى 14 آذار و"تيار المستقبل" بالمسؤولية عن عدم تشكيل الحكومة. واعتبر ان "رهان هذه القوى سورياً سقط"، ودعاها الى "عدم التأخير والانتظار لان التأخير سيحسن ظروف وموقع الفريق الآخر". وأضاف ساخراً: "من يريد العودة (الى بيروت) من مطار دمشق يمكن ان يبقى حيث هو وعليه ان يعود من مطار الشهيد رفيق الحريري الذي يرحب بجميع القادمين الى لبنان". وقال: "لو شكلت الحكومة من 9-9-6 يرتاح البلد وهناك مكان نستطيع الجلوس اليه وكل القرارات التي لا تحتاج الى الثلثين تمشي من دون تعطيل من احد وما هو محتمل ان يعطل القرارات التي تحتاج الى الثلثين يمكن ان نتحدث به ونحلّه". ثم تساءل: "لماذا التردد في عقد جلسة حكومية؟"، معتبرا ان هناك "ضغطا سياسيا كبيراً على الرئيس نجيب ميقاتي لعدم عقد الجلسة وانا لا املك تقديرا لموقف رئيس الجمهورية". وشدد على ان هناك ملفين "لا يحتملان التأجيل وهما ملف النفط الذي يجب بحثه من دون شروط مسبقة والملف الامني العام وطرابلس في الطليعة".
من باريس
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان لقاءات ثنائية وثلاثية عقدت في باريس بين الرئيس سعد الحريري وشخصيات من قوى 14 آذار زارت العاصمة الفرنسية لتهنئة الحريري بعد الجراحة التي اجريت له في ساقه وكانت مناسبة للبحث في الاوضاع.
وعلق النائب مروان حمادة الموجود في باريس مساء على خطاب السيد نصرالله فقال ان الخطاب "تضمّن حيثيات وانطباعات مغلوطة ومفعمة بتفاؤل مفرط حول غلبة النظام السوري والقوى الحليفة له والمناخين الاقليمي والدولي فقفز الى استنتاجات خاطئة، والاهم مما قيل هو ما لم يقل. فنصرالله لم يقل ماذا سيفعل بآلاف المقاتلين الذين يتابعون الحرب في سوريا؟ وكيف سيعود الى الحوار وهو تنكر قبل صياح الديك لاعلان بعبدا؟".
الحوار
وعلمت "النهار"، ان الاجتماع الذي رأسه امس الرئيس سليمان في القصر الجمهوري للجنة التحضيرية للحوار الوطني، كان من اجل تقويم المراحل التي تلت الاجتماع الاخير لاقطاب الحوار وامكانات تحريك هذا الملف بدعوة جديدة توجه الى هؤلاء الاقطاب في المرحلة المقبلة. وفي معرض البحث عن التوقيت الامثل لمثل هذه الدعوة التقت الآراء على ان ذلك يجب ان يأتي بعد تشكيل حكومة جديدة. اما الترجيحات لحصول الحوار بعد اجتياز عقبة تأليف الحكومة، فتحدد موعدا قبل نهاية السنة الجارية، مما يعيد الى الاذهان ما رشح سابقاً عن ان هناك عزما على تأليف الحكومة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني. وتقول المعلومات ان هناك مواكبة للتطورات الاقليمية التي قد تفضي الى نتائج ايجابية من شأنها ان تنعكس على لبنان ايجابا وهذا ما بدا من انعطاف العلاقات بين واشنطن وطهران نحو الحوار بدل التصادم بعد مرحلة طويلة من التشنجات في هذه العلاقات.
وشددت اوساط قصر بعبدا على اهمية اعلان بعبدا وهذا ما ظهر في البيان الصادر امس عن اجتماع اللجنة التحضيرية. وأكدت، كما سبق للرئيس سليمان أن فعل قبل ايام، على ان هذا الاعلان هو بمثابة معبر إلزامي للحوار بعدما بات وثيقة لدى الامم المتحدة مثله مثل اتفاق الطائف، وتالياً لا يمكن تجاوز هذا الاعلان مهما جرى.
طرابلس
اما في شأن الوضع في طرابلس، فأكدت اوساط الرئيس سليمان ان لا تراجع عن التدابير التي تقررت في الاجتماع الامني الاخير في قصر بعبدا أيا تكن التضحيات وذلك من اجل اعادة الطمأنينة الى طرابلس. ولفتت الى ان الحكمة والحزم اللذين يرافقان تطبيق هذه التدابير قد يظهران كأن هناك تراجعا في التنفيذ، الا ان ذلك ليس معبّرا عن واقع الحال وهذا ما ستظهر نتائجه على الارض.
ومع مضي اسبوع على اشتعال الجولة الـ17 في طرابلس، سجلت امس خطوة جديدة في انتشار الوحدات العسكرية والامنية التي سيرت دوريات كثيفة في شارع سوريا وهو خط التماس الرئيسي بين بعل محسن وباب التبانة من غير ان يؤدي ذلك الى وقف الاشتباكات والخروقات. وتعرضت الوحدات العسكرية لاطلاق نار من محلة التبانة، فأصيب ثلاثة عسكريين بجروح. لكن انتشار قوة من اللواء الثاني عشر ومن مغاوير البحر على الخط الفاصل بين منطقتي القتال ادى الى انحسار ملحوظ في الاشتباكات وإن يكن الجيش لم يدخل بعد الاحياء الداخلية في المنطقتين. وسجل ليلا اطلاق قذائف صاروخية وتبادل لاطلاق النار.
الابرهيمي في بيروت
الى ذلك، رجحت اوساط مواكبة لتحرك الممثل المشترك الدولي والعربي في سوريا الاخضر الابرهيمي لـ"النهار" ان يجري الاخير محادثات في بيروت غدا بعد عودته من دمشق التي يزورها حاليا. وسيلتقي الرئيس ميقاتي اليوم ممثل الامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي تمهيدا للمحادثات التي سيجريها الابرهيمي مع عدد من المسؤولين اللبنانيين.
0 comments:
إرسال تعليق