جوزيف ابو فاضل: الأميركي تراجع خطوات واقتنع أن لا معارضة سلمية في سوريا

أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ روسيا لم تأتِ إلى المنطقة لتنسحب منها بعد فترة وجيزة، معرباً عن اعتقاده بأنّ روسيا باقية في المنطقة لعشرات السنوات، مشيراً إلى أنّ روسيا تتعامل مع الدول وفق القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان بخلاف دولٍ أخرى، وهي تتسم بالأخلاق والاحترام في علاقاتها الدولية.
وفي حديث إلى تلفزيون "NBN" ضمن برنامج "من دمشق" أداره مدير الأخبار والبرامج السياسية الإعلامي عباس ضاهر، وجمعه مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، اعتبر أبو فاضل أنّ الروسي يفرض الحوار اليوم، والأميركي لم يقتنع بالحوار إلا بفضل الروسي، مشيراً إلى أنّ الرئيس التركي رجب إردوغان يجب أن يقتنع أيضًا بالحوار، باعتبار أنّ لا مشكلة في ذلك عند السعودي والقطري.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ روسيا اليوم تختلف عنها في التسعينات تماماً، والروسي هو سيد اللعبة على الأرض اليوم في المنطقة، وأشار إلى أنّها حققت الكثير من النجاحات بخلاف ما يروَّج، لافتاً في هذا السياق إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعد ووفى بالتزاماته مع سوريا، بدليل التقدّم الذي حققته قوات النظام وحزب الله في الآونة الأخيرة.

هل تقبل أميركا؟
وفيما لفت أبو فاضل إلى أنّ الأمر الأكثر إيجابي الذي حققه الروسي في الآونة الأخيرة هو أنّه لم يعد هناك أحادية في صناعة القرار، بعدما كان الأمر حكراً على الولايات المتحدة الأميركية، شدّد على أنّ السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه اليوم هو "هل تقبل أميركا أن تكون روسيا وحدها في المنطقة؟"
واعتبر أبو فاضل أنّ الطاقة في المنطقة سوف يتقاسمها الروسي والأميركي، ولفت إلى انّ "داعش" هي هدف بالنسبة للروسي مثلها مثل جبهة النصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام وأحرار الشام وباقي الجماعات الإرهابية التي تستهدف روسيا وغير روسيا، مؤكداً أنّ الإسلام المتشدّد التكفيري لم يعد له مكان في العالم.

المعارضة ليست سلمية
ورداً على سؤال، توقف أبو فاضل عند تركيبة الوفد المفاوض الذي اختارته ما يسمى بالمعارضة السورية، بقيادة ممثل "جيش الإسلام" محمد علوش الذي يقصف دمشق، مشيراً إلى أنّها تدلّ على أنّ هذه المعارضة ليست معارضة سلمية، وأنّ المعارضة السلمية لا تمون سوى على غرف الفنادق التي تسكن فيها في الخارج، وانتقد في هذا الإطار المعارض السوري جورج صبرا، مستهجناً كيف أنّه يسمح لنفسه بوضع الشروط على القوى الكبرى، وهو لا يمون حتى على عائلته.
واعتبر أبو فاضل أنّه تبيّن أنّ المعارضة السورية الفعّالة هي محصورة إما بداعش أو النصرة أو جيش الفتح أو جيش الإسلام أو أحرار الشام، مشيراً إلى أنّ جيش الإسلام وحده من هذه الفصائل سيكون موجودًا على طاولة المفاوضات.

نكتة إردوغان السمجة
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ الرئيس التركي رجب إردوغان يدعم داعش والنصرة وكلّ هذه الفصائل، ساخراً ممّا أسماها "النكتة السمجة" التي خرج بها ليلة رأس السنة من أنّه سينهي الإرهاب في عام 2016، ولفت إلى أنّه يضرب الأكراد بالأف 16 وهو يشتري النفط من داعش ويسوّق لداعش ويسمح لها بشراء السلاح.
وفيما ترحّم أبو فاضل على ضحايا التفجيرات التي وقعت في تركيا وغير تركيا، لاحظ أنّ المخطوفين الأتراك هم دائماً من لا يتعرّضون للذبح، كما أنّ الحدود مع سوريا لا تدخل إليها داعش، وشدّد على أنّ إردوغان لديه ارتباط عضوي بالقاعدة وبالنصرة وبهذه المجموعات.

أين الأكراد؟
واعتبر أبو فاضل أنّ روسيا اليوم تؤجّل المؤتمرات مع أميركا وتجرجرهم جميعاً لتصل إلى حلّ، معرباً عن اعتقاده بأنّ مؤتمر جنيف بني على أمور رئيسية، والآن هناك حوار ولقاء غير مباشر، بحيث يجلس كلّ من وفد النظام والمعارضة في غرفة وهناك وسيط يتنقل بين الاثنين، ما يعني أنّ هذه المفاوضات طويلة، تستمرّ 18 شهراً يفترض أن تبدأ من هذا الشهر.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الوفد الذي يتمّ التفاوض معه اليوم يأتي من مؤتمر الرياض، وهم مجموعة تابعون لإردوغان، وقد أعارهم الأخير للسعودية لمصالح معيّنة والآن يعود ويستردّهم، مشيراً إلى أنّ ما يدلّ على أنّ هناك سلطة فوق كلّ هذه السلطات وضدّ الاتفاق الروسي الأميركي أنّه لا يوجد أيّ فصيل كردي ممثل بهذه المعارضة الموجودة في السعودية ولا يقبل إردوغان بتمثيلهم، انطلاقاً من صراعه مع الأكراد.
ورأى أبو فاضل أنّه بغياب الكثير من الشرائح الأساسية في المفاوضات التي يفترض أن تفضي إلى تعديل دستور وقوانين جديدة ومصالحات، فهذا يعني شرعنة داعش والنصرة وجيش الإسلام وبالتالي إزاحة كلّ الشخصيات المعارضة المحترمة والمثقفة في الداخل والخارج، ولن يعود هناك مكان بعد فترة لجورج صبرا ورياض حجاب وسواهما.

العملية كبيرة
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الرئيس السوري بشار الاسد لو كان قادراً على التفاوض معهم فرادى ما كان ليقصّر، لكن العملية كبيرة، وهناك اتفاق روسي أميركي، وقال: "طالما أنّ الخليج ملتهٍ بنفسه والمنطقة مشتعلة في اليمن والعراق، أصبح الوضع تركياً فقط، وعلى أميركا أن تقنع إردوغان بالسير بمسار الحوار والحلّ السياسي".
واعتبر أبو فاضل أنّ أهمية الاتفاق الذي طرحه الروس في جنيف أنّ الحكومة المستقبلية سيشارك فيها الجميع، وتترأسها شخصية من المعارضة غير ملوثة من الدم بإشراف الرئيس بشار الأسد ووجوده لمدّة سنة ونصف، أي 18 شهراً، على أن يحقّ له بالترشح للانتخابات الرئاسية في المرة المقبلة مقابل مرشحين آخرين.
ورأى أبو فاضل أنّ الهدف الرئيسي قاله كيري نفسه وهو عدم انهيار الجيش والمؤسسات، فكيف بالأحرى الروس الذين أتوا للمنطقة حفاظاً على الدولة السورية وبقائها، لأنّ 80 دولة تقاتل سوريا اليوم وتحاربها.

سيري فعين الله ترعاك
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ السوري يجب أن يتفرّغ اليوم للوضع الاقتصادي، لافتاً إلى أنّ الوضع السياسي يسير على قاعدة "سيري فعين الله ترعاك"، مشيراً إلى أنّ الأمور واضحة على هذا الصعيد، موضحاً أنّ النظام في سوريا مركّب.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الكثير من الشائعات انتشرت حول الرئيس بشار الأسد، وآخرها أنّ الرئيس فلاديمير بوتين أرسل موفداً للرئيس الأسد ليدعوه للتنحّي، وهو ما نفاه الكرملين، وشدّد على أنّ آل الأسد مدرسة في السياسة، وعلى الكثيرين في المنطقة العربية أن يتعلّموا منهم كيف يكون العمل السياسي، وأشار إلى أنّ روسيا تضاعف بيع سلاحها 3 مرات بمجرّد نزولها إلى سوريا.

قواعد اشتباك جديدة
وتحدّث أبو فاضل عن قواعد اشتباك جديدة بين الروس والأتراك، مشدّداً في الوقت عينه على أنّ الروس لن يكونوا موجودين على الأرض براً لا في القامشلي ولا في غير القامشلي، مشيراً إلى أنّ الروس لن يشاركوا في حرب برية على الارض كما يقول الرئيس فلاديمير بوتين والمسؤولون في روسيا، والحرب هي من الجو كما ينصّ الاتفاق مع الدولة السورية.
ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ الرئيس بشار الأسد يشرّك المعارضة في الأرض ولكن لا يشرّكهم في القرار السياسي، موضحاً أنّه في اللحظة التي يشارك فيها هؤلاء في السلطة تتدهور الأوضاع في سوريا، مشدّداً على أنّه لا يمكن لأيّ إخواني أو تكفيري أو إرهابي أن يكون في السلطة في سوريا.

الأميركي تراجع إلى الخلف
وفي سياق متصل، أكّد أبو فاضل أنّه متفائل بالاتفاق الإيراني مع الدول العظمى ومن ضمنها روسيا والصين وليس فقط أميركا والدول الأوروبية، ولفت إلى أنّ الأميركي تراجع خطوات إلى الخلف لأنّه اقتنع أنّ المعارضين في سوريا هم مجموعة كبيرة من الإرهابيين والتكفيريين، إذا كان "كبير مفاوضيهم" الذي يتباهون به هو من يقصف المدنيين في دمشق يوميًا.
واعتبر أبو فاضل أنّ هذه المجموعات لا يمكن أن يكون لهم حكم في سوريا، وأكّد أنّه مع روسيا وليس مع أيّ إدارة أميركية انطلاقاً من الاختلاف في التعامل بين الجانبين مع الدول والشعوب، وقال: "هناك عظمة موجودة في روسيا وهذه العظمة أصبحت موجودة عند حدودنا في سوريا".

القيصرية غير واردة
ورداً على سؤال، ربط أبو فاضل الزيارة القطرية إلى موسكو بموضوع الغاز، واعتبر أنّنا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أن يظهر شيء في سوريا نتيجة الاتفاق حاصل، لكنّه تحدّث عن فرز يحصل ويقوم به التكفيريون الإرهابيون، واعتبر أنّ الأردن تسعى إلى أن تحفظ ودّ السعودية وتبقى على علاقة جيدة معها، لأنّ لديها هاجساً أساسياً يمثله الإخوان المسلمون.
وشدّد أبو فاضل على أنّ روسيا تتعاون مصر مثلاً لأنّها تتعرض للإرهاب، وهي تبيع مصر اليوم أسلحة بقروض ميسّرة لتقاتل الإرهاب، كما أنّها تسعى ليكون هناك حلّ في ليبيا مع الامم المتحدة، موضحاً أنّ روسيا لم تعد كما في السابق، وهي لا تريد اليوم التوسّع اليوم كما فعلت يوم ذهبت إلى أفغانستان، وأشار إلى أنّ قضية القيصرية اليوم ليست واردة، وأشار إلى أنّ هناك خسائر تحاول أن تبعدها روسيا عن الدول وتشارك في الحلول الرئاسية للدول، لا أن تتدخل في الشؤون الداخلية والتفصيلية كما يفعل غيرها.

الوضع في الخليج إلى تراجع
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أن هناك فريقاً خسر في المحصّلة، وهم أهل الخليج الذين خسروا كثيراً في حرب النفط ودفعوا أموالاً لسوريا واليمن والعراق، وهذه الدول سوف يخفّ فيها النقد المالي وسوف يتراجع سعر النفط، وهذا ما سوف يضرّ بها، باعتبار أنّها لا تملك إلا النفط وقد بنت اقتصادها على النفط.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الوضع في الخليج إلى تراجع مادي وتراجع معنوي، لافتاً إلى أنّ التراجع المادي يلحقه تراجع معنوية، محذراً من أنه إذا السعودية استمرت بدفع الأموال لتغذية الحروب في المنطقة ستتراجع إلى الخلف كثيراً وهذا سينعكس سلباً على الخليج وعلى كلّ دول المنطقة.